____________________________________
برأيه فعليك بخويصة نفسك ، ودع أمر العامّة» (١). وأما إذا قال : ما لي بهذا الفضول. وأراد به أنه ليس من الواجبات المقررة في الأصول على وجه الفضول فيكفر بخلاف ما إذا أراد به أن هذا أمر يتعلق بالأمراء ، أو بالقضاة ونحوهم من العلماء فإنه لا وجه لكفره.
وفي الخلافة أو قال لآمري المعروف جئتم بالغوغاء أو بالشغب يخاف عليه الكفر أي إن أراد بنفس الأمر بالمعروف أنه غوغاء وشغب بخلاف ما يترتب عليه من بلاء وتعب. وفي الفتاوى الصغرى من قال : إنه مجوسي ، أو بريء من الله إن كنت فعلت كذا ، وهو يعلم أنه قد فعله كفر. قال الفضلي : وتبين امرأته ، ومن قال : فهو يهودي ، أو نصراني إن فعلت كذا وهو يعلم بفعله كفر أقول ، والصحيح التفصيل الآتي ، وأما ما في الجواهر إن اعتقد أنه يكفر إن فعل كفر لأن الإقدام عليه يكون رضا بالكفر فليس له تعلّق بما تقدّم لأنه مفروض فيما صدر عنه في الماضي والإقدام عليه لا يكون إلا في الحال والاستقبال.
وفي الفتاوى الصغرى من قال : يعلم الله أني فعلت كذا ، وكان لم يفعل كفر ، أي لأنه كذب على الله تعالى ، وقد قال الله تعالى : (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً) (٢). ولو قال : الله يعلم أنه هكذا وهو يكذب كفر أقول ، ولعلّ الفرق بين المسألتين أن الأولى نسبة في الفعل ، والثانية النسبة في القول ، وكذا لو قال : الله يعلم أنك أحب إليّ من والدي ، وهو كاذب فيه كفر ، قلت : ولا يمكن صدقه إلا إذا أراد به أنه أحبّ إليه من بعض الوجوه ، وفي المحيط لو قال : الله يعلم إني لم أزل أذكرك بدعاء الخير ، قال بعضهم : يكفر أي إن أراد به الدوام الحقيقي ، فإنه لا يتصور وقوعه ، فيكون كاذبا على الله تعالى بخلاف ما إذا أراد به المبالغة في الكثرة فإنه لا يكفر إلا إذا كان ذكره له نادرا داخلا في حدّ القلّة.
وإذا قال : هو يهودي ، أو نصراني ، أو مجوسي ، أو بريء من الإسلام وما أشبه ذلك إن فعل كذا على أمر في المستقبل فهو يمين عندنا ، والمسألة معروفة فإن أتى
__________________
(١) أخرجه أبو داود ٤٣٤١ ، والترمذي ٣٠٦٠ ، وابن ماجة ٤٠١٤ من حديث أبو ثعلبة الخشني ، وإسناده ضعيف ، ولكن له شواهد يرتقي بها وقال الترمذي : هذا حديث حسن غريب ، ورواه أيضا ابن جرير وابن أبي حاتم والحاكم والبيهقي في شعب الإيمان. وانظر مجمع الزوائد ٧ / ١٨٢.
(٢) العنكبوت : ٦٨ ، والصفّ : ٧.