والسمع والبصر ....
____________________________________
حجاب بأن يسمع كلامه ولا يراه كما وقع لموسى عليهالسلام ، أو يرسل رسولا أي ملكا كجبرائيل عليهالسلام فيوحي أي الرسول إلى المرسل إليه بمعنى أنه يكلمه ويبلغه بإذنه أي بأمر ربه ما يشاء أي الله من إعلامه.
فكلامه قائم بذاته خلافا للمعتزلة حيث ذهبوا إلى أنه متكلّم بكلام هو قائم بغيره ، وليس صفة له حيث قالوا كلامه حروف وأصوات يخلقها في غيره كاللوح وجبرائيل عليهالسلام والرسول عليهالسلام ومبتدعة الحنابلة قالوا : كلامه حروف وأصوات تقوم بذاته وهو قديم وبالغ بعضهم جهلا حتى قال الجلد والقرطاس قديمان فضلا عن الصحف وهذا قول باطل بالضرورة (١) ، ومكاثرة للحسّ للإحساس بتقدّم الباء على السين في بسم الله ونحوه (والسمع والبصر) أي أنهما من الصفات الذاتية ، فإنه تعالى سميع بالأصوات والحروف والكلمات بسمعه القديم الذي هو نعت له في الأزل وبصير بالأشكال والألوان بإبصاره القديم الذي هو صفة له في الأزل فلا يحدث له سمع بحدوث مسموع ولا بصر بحدوث مبصر فهو السميع البصير يسمع ويرى لا يعزب عن سمعه مسموع وإن خفي غاية السر ولا يغيب عن رؤيته مرئي ، وإن دق في النظر بل يرى دبيب النملة السوداء في الليلة الظلماء على الصخرة الصمّاء فالسمع صفة تتعلق بالمسموعات والبصر صفة تتعلق بالمبصرات فيدرك إدراكا تامّا لا على سبيل التخييل والتوهّم ، ولا على طريق تأثير حاسّة ووصول هواء ولا يلزم من قدمهما قدم المسموعات والمبصرات ، كما لا يلزم من قدم العلم والقدرة قدم المعلومات والمقدورات لأنها صفات قديمة يحدث لها تعلقات بالحوادث عند وجودها تعلقا ظاهريّا ، كما كان لها تعلق بها في عالم شهودها تعلقا غيبيّا فهو أخصّ من صفة العلم وأما قول السيوطي في النقاية من أنهما صفتان يزيد الانكشاف بهما على الانكشاف بالعلم فإنما يصح بالنسبة إلينا حيث يزيد العلم بهما لدينا ، وأما بالنسبة إليه سبحانه وتعالى فصفاته كلها كاملات كما أنه كامل في اللذات فلا تقبل
__________________
ـ وفي الباب عن ابن عمر عند الترمذي ٣٦٨٢ وأحمد ٢ / ٩٥ ، وقال الترمذي : حسن صحيح غريب من هذا الوجه.
وأخرجه بالمرفوع أحمد ٢ / ٥٣ ، وابن سعد في الطبقات ٢ / ٣٣٥ ، وابن حبان ٦٨٩٥ وعبد الله بن أحمد في فضائل الصحابة ٣٩٥ ، والقطيعي ٥٢٥ والطبراني في الأوسط ٢٩١ وهو حديث صحيح.
ولفظه : «إن الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه».
(١) انظر المواقف للعضد الإيجي ص ٢٩٣.