____________________________________
بِكُمُ الْعُسْرَ) (١). (وَكَلَّمَ اللهُ مُوسى تَكْلِيماً) (٢). (وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ) (٣). فكانا من صفات الفعل ، وكانا حادثين ...
وأما عند الأشعرية فالفرق بينهما أن ما يلزم من نفيه نقيضه فهو من صفات الذات فإنك لو نفيت الحياة يلزم الموت ، ولو نفيت القدرة يلزم العجز ، وكذا العلم مع الجهل وما لا يلزم من نفيه نقيضه فهو من صفات الفعل ، فلو نفيت الإحياء أو الإماتة ، أو الخلق أو الرزق لم يلزم منه نقيضه فعلى هذا الحد لو نفيت الإرادة لزم منه الجبر والاضطرار ، ولو نفيت عنه الكلام لزم الخرس والسكوت ، فثبت أنهما من صفات الذات.
وعندنا أن كل ما وصف به ولا يجوز أن يوصف بضدّه فهو من صفات الذات كالقدرة والعلم والعزّة والعظمة ، وكل ما يجوز أن يوصف به وبضدّه فهو من صفات الفعل كالرأفة والرحمة والسخط والغضب ، ثم شبهة الأشاعرة والمعتزلة في ذلك أن التكوين لو كان أزليّا لتعلق وجود المكوّن به في الأزل ، ولو تعلق وجوده في الأزل لوجب وجود المكوّن في الأزل لأن القول بالتكوين ولا مكوّن كالقول بالضرب ، ولا مضروب وأنه محال فلا بد أن يكون التكوين حادثا.
والجواب أن التكوين إن حدث بالتكوين فهو تكوين محتاج إلى تكوين فيؤدي إلى التسلسل وهو باطل ، أو ينتهي إلى تكوين قديم وهو الذي ندّعيه أولا بتكوين أحد ففيه تعطيل الصانع ، والحاصل أنّا نقول : التكوين قديم والمتعلق به هو المكوّن وهو حادث ، كما أن العلم قديم وبعض المعلومات حادث على أنّ التكوين في الأزل لم يكن ليكون العالم به في الأزل ، بل ليكون وقت وجوده فتكوينه باق أبدا فيتعلق وجود كل موجود بتكوينه الأزلي بخلاف الضرب لأنه عرض فلا يتصوّر بقاؤه إلى وقت وجود المضروب ، ثم نقول لهم : هل تعلق وجود العالم بذاته ، أو بصفة من صفاته أم لا؟ فإن قالوا : لا عطلوه ، وإن قالوا : نعم ، قلنا : فما تعلق به أزلي أم حادث؟ فإن قالوا : حادث ، فهو من العالم ، وكان تعلق حدوث العالم ببعض منه لا به تعالى ، وفيه تعطيله ، وإن قالوا أزلي قلنا : هل اقتضى ذلك أزلية العالم أم لا؟ فإن قالوا : نعم كفروا ، وإن قالوا : لا ، بطلت
__________________
(١) البقرة : ١٨٥.
(٢) النساء : ١٦٤.
(٣) البقرة : ١٧٤.