وأما الفعلية ...
____________________________________
العظيم : نقيض الحقير والكبير نقيض الصغير أقول والعلي نقيض الدني ، فهذه ألفاظ متقاربة المعنى في الأسماء الحسنى والقول بأنها ألفاظ مترادفة صدر عن أحوال متكاثفة ، فقد قال حجة الإسلام ينبغي أن نعتقد تفاوتا بين معنى اللفظين فإنه يصعب علينا وجه الفرق بين معنييهما في حق الله تعالى ، ولكنّا مع ذلك لا نشك في أصل الافتراق ، ولذلك قال الله تعالى : «الكبرياء ردائي والعظمة إزاري» (١) ففرّق بينهما فرقا يدل على التفاوت فإن كلّا من الرداء والإزار زينة للإنسان ، ولكن الرداء أشرف من الإزار ، ولذا جعل مفتاح الصلاة لفظ الله أكبر ، فهذه السبعة هي الصفات الذاتية الثبوتية ، واختلف في البقاء أنه من الصفات الثبوتية ، أو من النعوت السلبية فبني على الأول بعضهم وجمعها في بيت فقال:
حياة وعلم قدرة وإرادة |
|
كلام وأبصار وسمع مع البقاء |
والأظهر أنه من النعوت السلبية ، فإن المراد به نفي العدم السابق والفناء اللاحق بناء على ما ثبت قدمه واستحال عدمه. وما يجوز عدمه ممتنع قدمه ، وأما ما وقع في متن العقائد لمولانا عمر النسفي من قوله : الحيّ القادر العليم السميع البصير الشائي المريد فقد يوهم أن المشيئة والإرادة متغايران ، وليس كذلك لما سبق الكلام على هذا المقام ، فإن قيل : كيف صحّ إطلاق الموجود والواجب والقديم ونحو ذلك مما لم يرد به الشرع؟ قلنا : بالإجماع وهو من الأدلة الشرعية ، (وأما الفعلية) : أي الصفات الفعلية وهي التي يتوقف ظهورها على وجود الخلق : اعلم أن الحدّ بين صفات الذات وصفات الفعل مختلف فيه.
فعند المعتزلة ما جرى فيه النفي والإثبات فهو من صفات الفعل كما يقال : خلق لفلان ولدا ولم يخلق لفلان ، ورزق لزيد مالا ولم يرزق لعمرو ، وما لا يجري فيه النفي فهو من صفات الذات كالعلم والقدرة فلا يقال لم يعلم كذا ولم يقدر على كذا ، فالإرادة والكلام مما يجري فيه النفي والإثبات. قال الله تعالى : (يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ
__________________
(١) هو بعض حديث أخرجه ابن أبي شيبة ٩ / ٨٩ ومسلم ٢٦٢٠ وأبو داود ٤٠٩٠ وابن ماجة ٤١٧٤ والطيالسي ٢٣٨٧ وأحمد ٢ / ٢٤٨ و ٣٧٦ والبخاري في الأدب المفرد ٥٥٢ والبغوي في شرح السّنّة ٣٥٩٢ وابن حبان ٣٢٨ والحاكم ١ / ٦١ وصحّحه على شرط مسلم ووافقه الذهبي وهو كما قالا والحميدي ١١٤٩ كلهم من حديث أبي هريرة. وتتمته «فمن نازعني في واحدة منهما قذفته في النار».