سمعته يقول لمّا يسّر الله ديار مصر : علمت أنّه أراد فتح السّاحل ، لأنّه أوقع ذلك في نفسي.
وقال ابن واصل (١) : لمّا مات أسد الدّين كان ثمّ جماعة ، منهم عين الدّولة الياروقيّ ، وقطب الدّين خسرو الهذبانيّ (٢) ، وسيف الدّين عليّ المشطوب (٣) ، وشهاب الدّين محمود الحارميّ خال صلاح الدّين ، وكلّ منهم تطاول إلى الأمر ، فطلب العاضد صلاح الدّين ليولّيه الأمر ، حمله على ذلك ضعف صلاح الدّين ، وأنّه لا يجسر أحد على مخالفته ، فامتنع وجبن ، فألزم وأحضر إلى القصر ، وخلع عليه ، ولقّب بالملك النّاصر صلاح الدّين ، وعاد إلى دار الوزارة ، فلم يلتفت إليه أولئك الأمراء ولا خدموه ، فقام بأمره الفقيه ضياء الدّين عيسى الهكّاريّ ، وأمال إليه المشطوب ، ثمّ قال لشهاب الدّين :
هذا هو ابن أختك ، وملكه بك ، ولم يزل به حتّى حلّفه له (٤) ، ثمّ أتى قطب الدّين وقال : إنّ صلاح الدّين قد أطاعه النّاس ، ولم يبق غيرك وغير عين الدّولة ، وعلى كلّ حال ، فالجامع بينك وبين صلاح الدّين أنّ أصله من الأكراد ، فلا يخرج الأمر عنه إلى الأتراك. ووعده بزيادة إقطاعه ، فلان وحلف (٥). ثمّ ذهب ضياء الدّين واجتمع بعين الدّولة الياروقيّ ، وكان أكبر الجماعة ، وأكثرهم جمعا ، فلم تنفع رقاه ، وقال : لا أخدم يوسف أبدا. وعاد إلى نور الدّين ومعه غيره ، فأنكر عليهم فراقهم له.
قال العماد (٦) : وكان بالقصر أستاذ خصيّ يلقّب مؤتمن الخلافة (٧) ،
__________________
(١) في مفرّج الكروب ١ / ١٦٨.
(٢) في مفرّج الكروب : «قطب الدين خسرو بن تليل ، وهو ابن أخي أبي الهيجاء الهذباني الّذي كان صاحب إربل».
(٣) في المفرّج : «سيف الدين علي بن أحمد المشطوب». وفي التاريخ الباهر ٢٥٥ ، والروضتين ج ١ ق ٢ / ٤٠٦ «سيف الدين علي بن أحمد الهكاري».
(٤) في الأصل : «به». والمثبت عن : التاريخ الباهر ، والروضتين.
(٥) هكذا في الأصل. وفي التاريخ الباهر والروضتين : «فأطاع صلاح الدين أيضا».
(٦) قول العماد في (الروضتين ج ١ ق ٢ / ٤٥٠) ، وسنا البرق الشامي ١ / ٨٢.
(٧) اسمه «جعفر». كما في : مفرّج الكروب ١ / ١٧٤ ، والمواعظ والاعتبار ١ / ٩٧.