المصدر الّذي هو الضم ونحوه ، وكذا الخال على وزن القال ونحوه ، فيستوي فيه المفرد والتثنية والجمع ، بخلاف العمّة والخالة ، ونظيره قوله تعالى : (خَتَمَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ وَعَلى أَبْصارِهِمْ) [البقرة : ٧].
فإن قيل : هذا الجواب منقوض بقوله تعالى في سورة النور (أَوْ بُيُوتِ أَخَواتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمامِكُمْ) [النور : ٦١].
قلنا : ليس العمّ والخال مصدرين حقيقة ، بل على وزن المصدر ، فاعتبر هنا شبههما بالمصدر ؛ وهناك حقيقتهما عملا بالجهتين ، بخلاف السّمع فإنّه لو كان مصدرا حقيقة ، ما جاء قط في الكتاب العزيز إلا مفردا.
فإن قيل : لم ذكر الأقارب في قوله تعالى : (لا جُناحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبائِهِنَ) [الآية ٥٥] ، ولم يذكر العمّ والخال ، وحكمهما حكم من ذكر في رفع الجناح؟
قلنا : سبق مثل هذا السؤال وجوابه ، في سورة النور في قوله تعالى : (وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَ) [النور : ٣١]. فالأولى أن تستتر المرأة عن عمّها وخالها ، لئلّا يصف محاسنها عند ابنه فيفضي إلى الفتنة.
فإن قيل : السادة والكبراء بمعنى واحد ، فلم عطف أحدهما على الاخر ، في قوله تعالى : (إِنَّا أَطَعْنا سادَتَنا وَكُبَراءَنا) [الآية ٦٧]؟
قلنا : هو من باب عطف اللفظ على اللفظ المغاير له ، مع اتّحاد معنيهما ، كقولهم : فلان عاقل لبيب ، وهذا حسن جميل ، وقول الشاعر :
معاذ الله من كذب ومين
فإن قيل : المراد بالإنسان آدم (ع) في قوله تعالى : (وَحَمَلَهَا الْإِنْسانُ) [الآية ٧٢] فلم قال سبحانه : (إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولاً (٧٢)) وفعول من أوزان المبالغة ، فيقتضي تكرار الظلم والجهل منه ، وأنّه منتف؟
قلنا : لمّا كان عظيم القدر ، رفيع المحلّ ، كان ظلمه وجهله لنفسه أقبح وأفحش ، فقام عظم الوصف مقام الكثرة ؛ وقد سبق نظير هذا في سورة آل عمران في قوله تعالى : (وَأَنَّ اللهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) [آل عمران : ١٨٢].