واحدة ، ونظيره قوله تعالى : (وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً) [المؤمنون : ٥٠].
فإن قيل : لم قال تعالى : (قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ) [الآية ٢٢] ، أي الّذين زعمتموهم آلهة من دون الله ، مع أنّ المشركين ما زعموا غير الله إلها دون الله ، بل مع الله على وجه الشّركة؟
قلنا : النّص لا يدل على زعمهم حصر الالهة في غير الله نصّا بل يوهم ذلك ، ولو دلّ فنقول : فيه تقديم وتأخير تقديره : ادعوا الّذين من دون الله زعمتم أنهم شركاء لله.
فإن قيل : ما معنى التشكيك في قوله تعالى : (وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٢٤))؟
قلنا : قيل إنّ (أو) هنا بمعنى الواو في الموضعين ، فيصير المعنى : نحن على الهدى وأنتم في الضلال. وقيل معناه : وإنّا لضالّون أو مهتدون وإنّكم لكذلك ، وهو من التعريض بضلالهم كما يقول الرّجل لصاحبه إذا أراد تكذيبه : والله إنّ أحدنا لكاذب ، ويعني به صاحبه.
فإن قيل : لم قالت الملائكة (ع) في حق المشركين ، كما ورد في التنزيل : (بَلْ كانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَ) [الآية ٤١] ولم ينقل عن أحد من المشركين أنّه عبد الجن؟
قلنا : معناه كانوا يطيعون الشياطين فيما يأمرونهم به من عبادتنا : (أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ (٤١)) : أي أكثر المشركين مصدّقون بالشياطين فيما يخبرونهم به من الكذب ، أنّ الملائكة بنات الله تعالى الله عن ذلك ؛ فالمراد بالجنّ الشياطين.