شفر لها. يقولون : أعمى مطموس وطميس ، إذا كان كذلك.
وقوله سبحانه : (وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلا يَعْقِلُونَ (٦٨)) وقرئ : ننكسه بالتخفيف ، وهذه استعارة. والمراد ، والله أعلم ، أنّا نعيد الشّيخ الكبير ، إلى حال الطّفل الصّغير ، في الضّعف بعد القوّة ، والتّثاقل بعد النّهضة ، والأخلاق (١) بعد الجدّة. تشبيها بمن انتكس على رأسه ، فصار أعلاه سفلا ، وأسفله علوا.
وقوله سبحانه : (لِيُنْذِرَ مَنْ كانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكافِرِينَ (٧٠)) وهذه استعارة. والمراد بالحيّ هاهنا : الغافل الّذي يستيقظ إذا أوقظ ، ويتّعظ إذا وعظ.
فسمّى سبحانه المؤمن الّذي ينتفع بالإنذار حيّا لنجاته ، وسمّى الكافر الّذي لا يصغي إلى الزّواجر ميتا لهلكه.
وقوله سبحانه : (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينا أَنْعاماً فَهُمْ لَها مالِكُونَ (٧١)) وهذه استعارة. والمراد بذكر الأيدي هاهنا ، قسمان من أقسام اليد في اللغة العربية. إمّا أن تكون بمعنى القوّة ، وبمعنى تحقيق الإضافة. فكأنّه سبحانه قال : أولم يروا أنّا خلقنا لهم أنعاما ، اخترعناها بقوّة تقديرنا ، ومتقن تدبيرنا.
أو يكون المعنى أنّ هذه الأنعام ، ممّا تولّينا خلقه ، من غير أن يشاركنا فيه أحد من المخلوقين ؛ لأنّ المخلوقين قد يعملون سفائن البحر ، ولا يعملون سفائن البرّ ، الّتي هي الأنعام المذلّلة ظهورها ، والمحلّلة لحومها. فهذا وجه فائدة الإضافة في قوله تعالى : (مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينا) والله أعلم.
__________________
(١). الأخلاق : كون الشيء خلقا باليا بعد جدّته.