والشهداء والأطفال شفاعة يوم القيامة؟
قلنا : معناه أن أحدا لا يملكها إلّا بتمليكه ، كما قال تعالى : (مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ) [البقرة : ٢٥٥] وقال تعالى : (وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى (٢٨)) [الأنبياء : ٢٨].
فإن قيل : لم ذكّر الضمير في أوتيته وهو للنعمة في قوله تعالى : (ثُمَّ إِذا خَوَّلْناهُ نِعْمَةً مِنَّا قالَ إِنَّما أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمٍ) [الآية ٤٩]؟
قلنا : إنما ذكّره نظرا إلى المعنى ، لأن معنى «نعمة» : «شيئا من النعمة وقسما منها» ، أو لأن النعمة والإنعام بمعنى واحد.
فإن قيل : لم قال تعالى : (وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ) [الآية ٥٥] والقرآن كلّه حسن؟
قلنا : معناه اتّبعوا أحسن وحي أو كتاب أنزل إليكم من ربّكم ، وهو القرآن كله. وقيل أحسن القرآن الآيات المحكمات. وقيل أحسنه كل آية تضمنت أمرا بطاعة أو إحسان ؛ وقد سبق نظير هذه الآية في سورة الأعراف في قوله تعالى : (وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِها) [الأعراف : ١٤٥] والأجوبة المذكورة ثمّة تصلح هنا ، وكذا الأجوبة المذكورة هنا تصلح ثمّة ، إلا الجواب الأول.
فإن قيل : لم قال تعالى : (وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ) [الآية ٦٥] مع أن الموحى إليهم جماعة ، ولما أوحي إلى من قبله لم يكن في الوحي إليهم خطابه؟
قلنا : معناه الأول : ولقد أوحي إلى كل واحد منك ومنهم : لئن أشركت. الثاني : أن فيه إضمارا تقديره : ولقد أوحي إليك وإلى الّذين من قبلك التوحيد ، ثم ابتدئ فقيل لئن أشركت. والثالث : أن فيه تقديما وتأخيرا تقديره : ولقد أوحي إليك لئن أشركت ، وكذلك أوحي إلى الّذين من قبلك.
فإن قيل : لم عبّر سبحانه عن الذهاب بأهل الجنة والنار بلفظ السّوق في قوله تعالى : (وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا) [الآية ٧١] ؛ وفي قوله سبحانه (وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ) [الآية ٧٣] والتعبير في الآيتين يحمل ضربا من الإهانة؟
قلنا : المراد بسوق أهل النار طردهم إليها بالهوان والعنف ، كما يفعل