المهيمن على الكون ، وهو المدبّر للأمر كلّه ، وهو الخالق للإنسان ، وهبه السمع والبصر والإدراك ؛ والنّاس بعد ذلك قليلا ما يشكرون. وبذلك عالجت قضية الألوهيّة وصفتها : صفة الخلق ، وصفة التدبير مذكورة في سياق آيات الخلق والتكوين ، وتستغرق هذه المجموعة ، بما فيها صفة الإحسان ، وصفة الإنعام ، وصفة العلم ؛ وصفة الرحمة ، تستغرق من أوّل السورة إلى الآية ٩.
ثمّ تتحدّث الآيات عن إنكار الكافرين للبعث والحساب ، وتجيبهم بأن البعث حقّ ، وتعرض مشهدا من مشاهد القيامة ، يقف فيه المجرمون أذلّاء يعلنون يقينهم بالآخرة ، ويقينهم بالحقّ الّذي جاءتهم به الدعوة المحمّدية.
وإلى جوار هذا المشهد البائس المكروب تعرض السورة مشهد المؤمنين في الدنيا وهم يعبدون الله ، ويسجدون لعظمته ، ويقومون الليل بالصلاة والعبادة ، ثمّ تبشّرهم بحسن الجزاء :
(فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (١٧)).
ثم تشير الآيات ، إلى أن منطق العدالة يأبى أن يستوي المؤمن والفاسق ، فقد اختلفوا في العمل في الدنيا ، فيجب أن يختلف الجزاء في الاخرة ، فللمؤمنين جنّات المأوى ، وللفاسقين «عذاب» جهنم ؛ وتستغرق هذه المجموعة الآيات [١٠ ـ ١٢].
وفي الآيات الأخيرة من السورة ، ترد إشارة إلى موسى (ع) ، ووحدة رسالته ورسالة محمد (ص) والمهتدين من قومه.
وتعقب هذه الإشارة ، جولة في مصارع الغابرين من القرون ، وهم يمشون في مساكنهم غافلين ، ثم جولة في الأرض الميتة ، ينزل عليها الماء بالحياة والنماء.