قوله : (وَكَمْ أَرْسَلْنا مِنْ نَبِيٍّ فِي الْأَوَّلِينَ) (٦) : أي وكم أرسلنا منهم من الأنبياء.
ذكروا عن أبي قلابة قال : قيل : يا رسول الله ، كم المرسلون؟ قال : ثلاثمائة وبضعة عشر ، جمّ غفير (١). قال : (وَما يَأْتِيهِمْ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ) (٧) : كقوله : (يا حَسْرَةً عَلَى الْعِبادِ ما يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ) (٣٠) [يس : ٣٠].
قال : (فَأَهْلَكْنا أَشَدَّ مِنْهُمْ بَطْشاً) : أي أشدّ من مشركي العرب قوّة. يعني من أهلك من الأمم السالفة ؛ كقوله : (كانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً) [الروم : ٩](وَمَضى مَثَلُ الْأَوَّلِينَ) (٨) : يعني وقائعه في الأمم السالفة بتكذيبهم رسلهم.
قوله : (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ) : يعني المشركين (مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ) (٩). ثمّ قال : (الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْداً) : كقوله : (الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِراشاً) [البقرة : ٢٢](وَجَعَلَ لَكُمْ فِيها سُبُلاً) : أي طرقا (لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) (١٠) : أي لكي تهتدوا الطرق.
(وَالَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّماءِ ماءً بِقَدَرٍ) : ذكروا عن ابن عبّاس قال : ما عام بأكثر من عام ماء ، أو قال : مطرا ، ولكنّ الله يصرفه في الأرض حيث يشاء ؛ ثمّ تلا هذه الآية : (وَلَقَدْ صَرَّفْناهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا) [الفرقان : ٥٠] قال : (فَأَنْشَرْنا بِهِ بَلْدَةً) : يعني فأحيينا به بلدة (مَيْتاً) : يعني الميّتة اليابسة التي ليس فيها نبات. (كَذلِكَ تُخْرَجُونَ) (١١) : يعني البعث. يرسل الله مطرا منيّا كمنيّ الرجال فتنبت جسمانهم ولحمانهم كما ينبت الأرض الثرى.
قال : (وَالَّذِي خَلَقَ الْأَزْواجَ كُلَّها) : تفسير الحسن : الشتاء والصيف ، والليل والنهار ، والسماء والأرض ، وكلّ اثنين منها زوج. قال : (وَجَعَلَ لَكُمْ) : أي وخلق لكم (مِنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعامِ ما تَرْكَبُونَ (١٢) لِتَسْتَوُوا عَلى ظُهُورِهِ) : أي ظهور ما سخّر لكم أن تركبوه (ثُمَ
__________________
ـ وأعرضت عنك». وقال ابن عاشور في تفسيره ، ج ٢٥ ص ١٦٣ : «والاستفهام إنكاريّ ؛ أي لا يجوز أن نضرب عنكم الذكر صفحا من جرّاء إسرافكم ... لا نترك تذكيركم بسبب كونكم مسرفين ، بل لا نزال نعيد التذكير رحمة بكم».
(١) أخرجه ابن أبي حاتم عن أبي أمامة بإسناد ضعيف ، وانظر ما سلف من هذا التفسير ، ج ١ ، تفسير الآية ٢٥٣ من سورة البقرة.