تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُوا سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا وَما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ) (١٣) : أي مطيقين (١). (وَإِنَّا إِلى رَبِّنا لَمُنْقَلِبُونَ) (١٤). ذكروا عن الحسن أنّه كان يقول : الحمد لله الذي هدانا للإسلام ، وعلّمنا القرآن ، ومنّ علينا بمحمّد عليهالسلام ، ويقول : (سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا وَما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ) لو لا أنّ الله سخّره لنا.
ذكروا عن ابن عمر أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم كان إذا سافر ركب راحلته فكبّر ثلاثا ثمّ قال :
(سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا وَما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ وَإِنَّا إِلى رَبِّنا لَمُنْقَلِبُونَ) اللهمّ إنّي أسألك في سفري هذا البرّ والتقوى ، ومن العمل ما ترضى ، اللهمّ اصحبنا في سفرنا ، واخلفنا في أهلنا. اللهمّ هوّن علينا السفر ، واطو لنا بعد الأرض. اللهمّ أنت الصاحب في السفر والحضر ، والخليفة في الأهل (٢).
ذكروا عن أبي هريرة أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم كان يقول أحيانا إذا قرب راحلته ليركب ، وأحيانا إذا ركب راحلته : بسم الله ، اللهمّ ازو لنا الأرض وهوّن علينا السفر. اللهمّ أنت الصاحب في السفر ، والخليفة في الأهل. اللهمّ إنّا نعوذ بك من وعثاء السفر ، وكآبة المنقلب ، وسوء المنظر في الأهل والولد والمال.
وقال بعضهم : قد بيّن الله لكم ما تقولون إذا ركبتم في البرّ ، وما تقولون إذا ركبتم في البحر ؛ إذا ركبتم في البرّ قلتم : (سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا وَما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ وَإِنَّا إِلى رَبِّنا لَمُنْقَلِبُونَ) ، وإذا ركبتم في البحر قلتم : (بِسْمِ اللهِ مَجْراها وَمُرْساها إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) (٤١) [هود : ٤١].
قوله : (وَجَعَلُوا لَهُ) : يعني المشركين (مِنْ عِبادِهِ جُزْءاً) : يعني الملائكة جعلوهم بنات لله. قال : (إِنَّ الْإِنْسانَ لَكَفُورٌ مُبِينٌ) (١٥).
__________________
(١) قال أبو عبيدة في المجاز ، ج ٢ ص ٢٠٢ : (وَما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ) ضابطين ، يقال : فلان مقرن لفلان ، أي : ضابط له مطيق».
(٢) حديث صحيح أخرجه مسلم في كتاب الحجّ ، باب ما يقول إذا ركب إلى سفر الحجّ وغيره ، عن ابن عمر (رقم ١٣٤٢) وجاء في آخر الحديث : «وإذا رجع قالهنّ ، وزاد فيهنّ : آيبون ، تائبون ، عابدون ، لربّنا حامدون». وقد روى هذا الحديث أحمد وأبو داود والنسائيّ ، ولم أجده فيما بين يديّ من المصادر من رواية أبي هريرة ، ولعلّ هذا ممّا انفرد بروايته ابن سلّام من هذه الطريق.