قال : (أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَناتٍ) : على الاستفهام (وَأَصْفاكُمْ بِالْبَنِينَ) (١٦) : أي لم يفعل ذلك.
قال : (وَإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِما ضَرَبَ لِلرَّحْمنِ مَثَلاً) : أي بالأنثى ، لقولهم : إنّ الملائكة بنات الله ، وكانوا يقولون : إنّ الله صاحب بنات ، فألحقوا البنات به ، فيقتلون بناتهم (ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا) : أي مغبرّا (وَهُوَ كَظِيمٌ) (١٧) : أي قد كظم على الغيظ والحزن ، أي : رضوا لله ما كرهوا لأنفسهم.
قال : (أَوَمَنْ يُنَشَّؤُا فِي الْحِلْيَةِ) : وهذا تبع للكلام الأوّل : (أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَناتٍ) ، يقول : أو يتّخذ من ينشأ في الحلية ، يعني النساء ، بنات؟ لقولهم : الملائكة بنات الله. قال الله عزوجل : (وَهُوَ فِي الْخِصامِ غَيْرُ مُبِينٍ) (١٩) : أي لا تبين عن نفسها من ضعفها ، (وَأَصْفاكُمْ بِالْبَنِينَ) أي : لم يفعل. قال الكلبيّ في قوله : (أَوَمَنْ يُنَشَّؤُا فِي الْحِلْيَةِ) يقول : هؤلاء النساء اتّخذهنّ منكم ، جعلتم لله بنات مثلهنّ.
قوله : (وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ إِناثاً) : كقوله : (وَمَنْ عِنْدَهُ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ) [الأنبياء : ١٩] يعني الملائكة. وقرأ ابن عبّاس : (الَّذِينَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ إِناثاً) كقوله : (سُبْحانَهُ بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ) (٢٦) [الأنبياء : ٢٦]. قال : (أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ) : أي إنّهم لم يشهدوا خلقهم (سَتُكْتَبُ شَهادَتُهُمْ وَيُسْئَلُونَ) (١٩) : أي عنها يوم القيامة.
(وَقالُوا لَوْ شاءَ الرَّحْمنُ ما عَبَدْناهُمْ) : أي لو كره الله هذا [الدين] (١) الذي نحن عليه لحوّلنا عنه إلى غيره. قال الله : (ما لَهُمْ بِذلِكَ مِنْ عِلْمٍ) : أي بأنّي أمرتهم أن يعبدوا غيري ، إنّما قالوا ذلك على الشكّ والظّنّ (إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ) (٢٠) : أي يكذبون.
قال : (أَمْ آتَيْناهُمْ كِتاباً مِنْ قَبْلِهِ) : أي من قبل هذا القرآن ، فيه ما يدّعون من أنّ الملائكة بنات الله ، وقولهم : لو كره الله ما نحن عليه لحوّلنا عنه إلى غيره (فَهُمْ بِهِ) : أي بذلك الكتاب (مُسْتَمْسِكُونَ) (٢١) : أي يحاجّون به ، أي : لم نؤتهم كتابا فيه ما يقولون فهم به مستمسكون.
__________________
(١) زيادة من ز ، ورقة ٣١٤.