(بَلْ قالُوا إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ) (١) أي : على ملّة ، وهي ملّة الشرك.
(وَإِنَّا عَلى آثارِهِمْ مُهْتَدُونَ) (٢٢) : أي إنّهم كانوا على هدى ، ونحن نتّبعهم على ذلك الهدى.
قال الله : (وَكَذلِكَ ما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ) : أي من نبيّ ينذرهم العذاب (إِلَّا قالَ مُتْرَفُوها) : أي جبابرتها وعظماؤها ، أي : مشركوها ، وهم أهل السعة (٢) والقادة في الشرك ، فاتّبعهم من دونهم (إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ) : أي على ملّة (وَإِنَّا عَلى آثارِهِمْ مُقْتَدُونَ) (٢٣) : أي إنّهم كانوا مهتدين ، فنحن مقتدون بهداهم.
قال الله للنبيّ عليهالسلام : قل لهم يا محمّد (أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آباءَكُمْ). ثمّ رجع إلى قصّة الأمم السالفة فأخبر بما قالوا لأنبيائهم : (قالُوا إِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ) (٢٤).
قال : (فَانْتَقَمْنا مِنْهُمْ) : يعني الذين كذّبوا رسلهم ، أي : فأهلكناهم. (فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ) (٢٥) : أي كان عاقبتهم أن دمّر الله عليهم ثمّ صيّرهم إلى النار.
قوله : (وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَراءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ (٢٦) إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي) : أي لكن أعبد الذي فطرني ، أي : الذي خلقني ، كقوله : (فَلا أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ وَلكِنْ أَعْبُدُ اللهَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ) [يونس : ١٠٤] قال : (فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ) (٢٧) : أي يثبّتني على الإيمان.
(وَجَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ) : أي في ذرّيّته ، والكلمة : لا إله إلّا الله. كقوله : (وَمِنْ ذُرِّيَّتِنا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ) [البقرة : ١٢٨] وقوله : (رَبَّنا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ) [البقرة : ١٢٩](لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) (٢٨) : أي لكي يرجعوا إلى الإيمان.
__________________
(١) قال الفرّاء في المعاني ، ج ٣ ص ٣٠ : «قرأ القرّاء بضمّ الألف من (أمّة) ، وكسرها مجاهد وعمر بن عبد العزيز ، وكأنّ الإمة مثل السنة والملّة. وكأنّ الإمّة الطريقة ، والمصدر من أممت القوم ، فإنّ العرب تقول : ما أحسن إمّته وعمّته وجلسته إذا كان مصدرا. والإمّة أيضا الملك والنعيم».
(٢) في ع وق «أهل السفه» ، وفي الكلمة تصحيف ، صوابه : «السعة» كما جاء في ز.