قوله : (بَلْ مَتَّعْتُ هؤُلاءِ وَآباءَهُمْ) : يعني قريشا ، أي : لم أعذّبهم.
كقوله : (بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذابِ) (٨) [سورة ص : ٨] قال : (حَتَّى جاءَهُمُ الْحَقُّ) : أي القرآن (وَرَسُولٌ مُبِينٌ) (٢٩) : أي محمّد صلىاللهعليهوسلم.
(وَلَمَّا جاءَهُمُ الْحَقُّ) : أي القرآن (قالُوا هذا سِحْرٌ وَإِنَّا بِهِ كافِرُونَ) (٣٠) : أي جاحدون.
(وَقالُوا لَوْ لا) : أي هلّا (نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ) (٣١) : والقريتان مكّة والطائف. أي : لو كان هذا القرآن حقّا لكان هذان الرجلان أحقّ به منك يا محمّد ، يعنون : الوليد بن المغيرة المخزوميّ وأبا مسعود الثقفيّ.
قال الله : (أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ) : يعني النبوّة ، على الاستفهام ، أي : ليس ذلك في أيديهم فيضعوا النبوّة حيث شاءوا (نَحْنُ قَسَمْنا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَرَفَعْنا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ) : أي في الرزق (لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيًّا) : [أي : يملك بعضهم بعضا] (١) من باب السخرة. قال : (وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ) (٣٢) : أي ممّا يجمع المشركون من الدنيا.
قال : (وَلَوْ لا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً) : ذكروا عن الحسن أنّه قال : ولو لا أن يجتمعوا على الكفر (لَجَعَلْنا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِنْ فِضَّةٍ وَمَعارِجَ) : أي ودرجا (عَلَيْها يَظْهَرُونَ) (٣٣) : أي عليها يرقون إلى ظهور بيوتهم.
(وَلِبُيُوتِهِمْ) : أي ولجعلنا لبيوتهم (أَبْواباً) من فضّة (وَسُرُراً) من فضّة (عَلَيْها يَتَّكِؤُنَ (٣٤) وَزُخْرُفاً) : والزخرف الذهب.
(وَإِنْ كُلُّ ذلِكَ لَمَّا مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا) : أي يستمتع به ثمّ يذهب (وَالْآخِرَةُ) : يعني الجنّة (عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ) (٣٥). ذكروا عن الحسن قال : دخل عمر بن الخطّاب على رسول الله صلىاللهعليهوسلم وهو على سرير مرمول (٢) بشريط من شرط المدينة ، وتحته وسادة من أدم حشوها
__________________
(١) زيادة من ز ، ورقة ٣١٤.
(٢) أي : منسوج بشرط من سعف نخل المدينة. يقال : رملت الحصير وأرملته إذا نسجته. انظر : ابن قتيبة ، ـ