(وَسَوْفَ تُسْئَلُونَ) (٤٤) : يوم القيامة ، أي : أستمسكتم بهذا الدين أم ضيّعتموه. وقال بعضهم : تسألون عن أداء شكره.
وقال بعضهم : عمّا ولّيتم من أمر هذه الأمّة. ذكروا عن الحسن وعن سليمان بن يسار أنّ عمر بن الخطاب قال : لو ضاع شيء بشاطئ الفرات لخشيت أن يسألني الله عنه.
ذكروا عن الزهريّ أنّه قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : قدّموا قريشا ولا تتقدّموها ، وتعلّموا منها ولا تعلّموها (١).
ذكروا عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : الناس في هذا الأمر تبع لقريش (٢).
قوله عزوجل : (وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا) : أي واسأل الناس عمّن أرسلنا من قبلك من رسلنا ، أي : واسأل جبريل ، فإنّه هو الذي كان يأتيهم بالرسالة. أي : هل أرسلنا من رسول إلّا بشهادة ألّا إله إلّا الله وأنّك رسول الله؟. كقوله : (وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ) (٢٥) [الأنبياء : ٢٥].
وتفسير الكلبيّ : اسأل الذين أرسلنا إليهم الرسل قبلك ، يعني أهل الكتاب ، من آمن منهم.
(أَجَعَلْنا مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ) (٤٥) : فلم يسأل ولم يشكّ. قال بعضهم : هو مثل قوله (فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ فَسْئَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُنَ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكَ) [يونس : ٩٤] فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : لا أشكّ ولا أسأل (٣). وبعضهم يقول : كان هذا ليلة أسري به وصلّى بالنبيّين.
قوله : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِ) : يعني قومه (فَقالَ إِنِّي
__________________
(١) حديث صحيح ، أخرجه الطبرانيّ عن عبد الله بن السايب ، وأخرجه ابن عديّ في الكامل عن أبي هريرة.
(٢) حديث متّفق على صحّته ، أخرجه البخاريّ بأطول ممّا هو هنا في المناقب ، باب قول الله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى) وأخرجه مسلم في كتاب الإمارة ، باب الناس تبع لقريش والخلافة في قريش ، من حديث أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة (رقم ١٨١٨) ولفظه : «الناس تبع لقريش في هذا الشأن ، مسلمهم لمسلمهم وكافرهم لكافرهم».
(٣) أخرجه ابن جرير الطبريّ من طريقين عن قتادة مرسلا. انظر : تفسير الطبريّ ، ج ١٥ ص ٢٠٢ ، ط. دار المعارف.