رَسُولُ رَبِّ الْعالَمِينَ (٤٦) فَلَمَّا جاءَهُمْ بِآياتِنا إِذا هُمْ مِنْها يَضْحَكُونَ) (٤٧) : أي استهزاء وتكذيبا. قال الله : (وَما نُرِيهِمْ مِنْ آيَةٍ إِلَّا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِها) : كانت اليد أكبر من العصا في تفسير الحسن. وقال الكلبيّ : الآيات التي عذّبوا بها ، يعني الطوفان والجراد والقمّل والضفادع والدم. قال : (وَأَخَذْناهُمْ بِالْعَذابِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) (٤٨) : أي لعلّ من بعدهم ممّن كان على دينهم من الكفّار يرجعون إلى الإيمان.
قوله عزوجل : (وَقالُوا يا أَيُّهَا السَّاحِرُ ادْعُ لَنا رَبَّكَ بِما عَهِدَ عِنْدَكَ) : أي فيما تدّعي (إِنَّنا لَمُهْتَدُونَ) (٤٩) : أي لمؤمنون. أخذ الله آل فرعون بالسنين ونقص من الثمرات لعلّهم يذّكّرون ، فأجدبت أرضهم ، وهلكت مواشيهم ، ونقصت ثمارهم ، فقالوا : هذا ما سحرنا به هذا الرجل. قالوا : يا موسى (مَهْما تَأْتِنا بِهِ مِنْ آيَةٍ لِتَسْحَرَنا بِها فَما نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ) (١٣٢) [الأعراف : ١٣٢] أي : بمصدّقين. فأرسل الله عليهم الطوفان والجراد والقمّل والضفادع والدم آيات مفصّلات. وقد فسّرنا ذلك في سورة (المص) (١). قال الله عزوجل : (فَلَمَّا كَشَفْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِذا هُمْ يَنْكُثُونَ) (٥٠) [أي : ينقضون عهدهم] (٢).
قال : (وَنادى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ) : أي حين جاءه موسى يدعوه إلى الله ؛ (قالَ يا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهذِهِ الْأَنْهارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي) : أي في ملكي.
(أَفَلا تُبْصِرُونَ) (٥١) : فيها إضمار ، أفلا تبصرون [أم تبصرون] (٣).
ثمّ استأنف الكلام فقال : (أَمْ أَنَا خَيْرٌ) : أي بل أنا خير (٤) (مِنْ هذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ) : أي ضعيف (وَلا يَكادُ يُبِينُ) (٥٢) : يعني العقدة التي كانت في لسانه من الجمرة التي ألقاها في فيه وهو صغير حين تناول لحية فرعون ، فأراد أن يقتله فقالت له امرأته : هذا صغير لا يعقل ، فإن أردت أن تعلم ذلك فادع بتمرة وجمرة فاعرضهما عليه ؛ فأتي بتمرة وجمرة فعرضتا عليه
__________________
(١) انظر تفصيل ذلك فيما سلف ، ج ٢ ، تفسير الآيات ١٣٢ ـ ١٣٧ من سورة الأعراف.
(٢) زيادة من ز ، ورقة ٣١٦.
(٣) زيادة يقتضيها سياق الكلام من بعض الوجوه. انظر : تفسير القرطبيّ ، ج ١٦ ص ٩٩.
(٤) هذا هو التأويل الصحيح ، وانظر وجوها أخرى من تأويل (أم) ، في معاني الفرّاء ، ج ٣ ص ٣٥ ، وفي تفسير القرطبيّ ، ج ١٦ ص ٩٩ ـ ١٠٠ ، واختلاف القرّاء في موضع الوقف من الآيتين.