ذكر الحسن عن معاذ بن جبل قال : بعثني رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : إن أمكنك الله من فلان فأحرقه بالنار. قال : فلمّا ولّيت قال : ردّوه عليّ. فرجعت ، فقال : أمرتك إن أمكنك الله من فلان أن تحرقه بالنار؟ قلت : نعم. قال : إنّي قلته وأنا غضبان ، إنّه ليس لأحد أن يعذّب بعذاب الله ، فإن قدرت فاضرب عنقه (١).
قوله عزوجل : (فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها) : فيها تقديم ، يقول : فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرّقاب حتّى تضع الحرب أوزارها ، أي حتّى ينزل عيسى بن مريم فيقتل الدّجّال ، ويكسر الصليب ويقتل الخنزير ، وتضع الحرب أوزارها (٢).
ذكروا عن معاوية قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : من يرد الله به خيرا يفقّهه في الدين. ولا تزال عصابة من المسلمين يقاتلون على الحقّ من ناوأهم إلى يوم القيامة (٣).
__________________
(١) حديث صحيح أخرجه أحمد في مسنده ، وأخرجه أبو داود في كتاب الجهاد ، باب في كراهية حرق العدوّ بالنار عن محمّد بن حمزة الأسلميّ عن أبيه (رقم ٢٦٧٣) وعن أبي هريرة (رقم ٢٦٧٤). وأخرجه البخاريّ في كتاب الجهاد والسير ، باب لا يعذّب بعذاب الله عن أبي هريرة. وقيل : إن فلانا هذا هو هبّار بن الأسود ، الذي أسلم بعد ذلك. انظر قصّته مفصّلة في مغازي الواقدي ، ج ٢ ، ص ٨٥٧ ـ ٨٥٨. وانظر : ابن حجر ، فتح الباري ، ج ٦ ص ١٤٩ ـ ١٥١. وانظر : محمّد بن الحسن الشيباني ، شرح السير الكبير ، ج ٤ ص ١٤٦٩.
(٢) حذف الشيخ هود بعد هذا خبرا رواه ابن سلّام ، كما جاء في ز ورقة ٣٢٦ ، هكذا : «يحيى عن ابن لهيعة عن أبي الزبير قال : سألت جابر بن عبد الله قلت : إذا كان عليّ إمام جائر فلقيت معه أهل ضلالة أقاتل أم لا؟ ليس بي حبّه ولا مظاهرته. قال : قاتل أهل الضلالة أينما وجدتهم ، وعلى الإمام ما حمّل وعليك ما حمّلت». وحذف بعده أيضا حديثا رواه ابن سلّام بالسند التالي : «يحيى عن عمّار الدهني عن جسر المصيصي عن الحسن قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : بني الإسلام على ثلاث : الجهاد ماض منذ بعث الله نبيّه إلى آخر فئة من المصلّين تكون هي التي تقاتل الدجّال لا ينقضه جور من جار ، والكفّ عن أهل لا إله إلّا الله أن تكفّروهم بذنب ، والمقادير خيرها وشرّها من الله». وكأنّي بالشيخ هود قد أسقط هذا الحديث لما قد يفهم منه من معنى الإرجاء.
(٣) حديث صحيح أخرجه أحمد والشيخان ؛ أخرجه البخاريّ في كتاب العلم ، باب من يرد الله به خيرا يفقّهه في الدين. وأخرجه مسلم في كتاب الإمارة ، باب قوله صلىاللهعليهوسلم : لا تزال طائفة من أمّتي ظاهرين على الحقّ لا يضرّهم من خالفهم ، (رقم ١٠٣٧) كلاهما يرويه عن معاوية وهو على المنبر ، وأخرجه أيضا مسلم في ـ