(الْجِيادُ) : الواحد منها جواد ، وجماعتها جياد. وكان ابن مسعود يقرأها : صوافن ، أي : معقولة يدها اليمنى قائمة على ثلاث قوائم ، وهو قوله : صوافن. قال الحسن : عرضت على سليمان فجعلت تجري بين يديه فلا يستبين منها قليلا ولا كثيرا من سرعتها ، وجعل يقول : اللهمّ اغضض بصري إليّ ، وجعل يقول : ردّوها عليّ ، أي : ليستبين منها شيئا (١).
قوله : (فَقالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ) : أي حبّ المال ، يعني الخيل ، وهي في قراءة عبد الله بن مسعود : (حبّ الخيل) (عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوارَتْ) : أي غابت ، يعني الشمس (بِالْحِجابِ) (٣٢) ففاتته صلاة العصر. ذكروا عن عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه قال : سئل رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن الصلاة الوسطى فقال : هي صلاة العصر(٢).
ذكروا عن عبيدة السلمانيّ عن عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال يوم الأحزاب : ما لهم ، ملأ الله بيوتهم وقبورهم نارا ، كما شغلونا عن الصلاة الوسطى حتّى غابت الشمس (٣). قال الحسن : فقال سليمان ذلك. قال : (رُدُّوها عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ وَالْأَعْناقِ) (٣٣) : فضرب أعناقها وعراقيبها ، وإنّما هو شيء قبله عن الله (٤). قال بعضهم : فذهبت ولم يبق من أصلها شيء. وقال بعضهم : مسح أعناقها ووجوهها بثوبه ، وقالوا : هو أعرف بالله من أن يضرب أعناقها وعراقيبها.
__________________
ـ ص ٥٤٩.
(١) كذا وردت هاتان الجملتان في ع ، ويبدو فيهما تكرار واضطراب. وفي ع تقديم وتأخير في تفسير بعض الآي هنا جعلت كلّ شيء في مكانه حسبما جاءت في المصحف بدون حذف.
(٢) انظر ما سلف في هذا التفسير ، ج ١ ، تفسير الآية ٢٣٨ من سورة البقرة.
(٣) حديث صحيح متّفق عليه ؛ أخرجه البخاريّ في كتاب التفسير عن عبيدة عن عليّ ، باختلاف يسير في اللفظ. وأخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة ، باب الدليل لمن قال الصلاة الوسطى هي صلاة العصر ، (رقم ٦٢٧) عن عليّ ، وعن عبد الله بن مسعود (رقم ٦٢٨) بلفظ : «شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر ، ملأ الله أجوافهم وقبورهم نارا». وأخرجه أبو داود في كتاب الصلاة ، باب في وقت صلاة العصر (رقم ٤٠٩) عن عليّ.
(٤) هذا هو القول الراجح في تفسير مسح السوق والأعناق في الآية. وقد ورد لفظ مسح بمعنى قطع وضرب في الشعر. انظر : مجاز أبي عبيدة ، ج ٢ ص ١٨٣ ، وانظر : اللسان (مسح).