قال بعضهم : كانت ألف فرس فضرب أعناق تسعمائة وعراقيبها فترك مائة. فالخيل اليوم من نسولها. روي عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة (١).
قوله تعالى : (وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمانَ) : أي ابتلينا سليمان (وَأَلْقَيْنا عَلى كُرْسِيِّهِ جَسَداً ثُمَّ أَنابَ) (٣٤) : يعني الشيطان الذي خلفه في ملكه تلك الأربعين ليلة. قال بعضهم : كان اسمه صخرا. وقال بعضهم : كان اسمه آصف ، اسم وافق اسم الذي عنده علم من الكتاب ، كان يحسن الاسم الأكبر.
وتفسير قوله (جَسَداً) عند الحسن أنّ الشيطان لما أخذ خاتم سليمان صعد على كرسيّه ، وهو سرير المملكة لا يأكل ولا يشرب ، ولا يأمر ولا ينهى. وهو قول الله (جَسَداً) كقول الرجل للرجل : ما أنت إلّا جسد. وأذهب الله ذلك من أذهان الناس ، أي أصابتهم غفلة ، فلا يرون إلّا أنّ سليمان في مكانه ، يرون أنّه يصلّي بهم ، ويجمع ويقضي بينهم ، ولا يرى الناس إلّا أنّه على منزلته الأولى فيما بينه وبينهم. فأذهب الله ذلك من أذهانهم كما أذهب من أذهانهم موته سنة ، وهو متّكئ على عصاه ، لا يرون إلّا أنّه يصلّي بهم ويجهّز عذابهم (٢) ويحكم بينهم. وهي في قراءة ابن مسعود : ولقد كانوا يعملون له حولا. قال الكلبيّ : إنّ سليمان أصاب ذنبا فأراد الله أن يجعل عقوبته في الدنيا. قال الحسن : كان قارب بعض نسائه في المحيض. قال الكلبيّ : كانت له امرأة من أكرم نسائه عليه وأحبّهنّ إليه ، فقالت : إنّ بين أبي وبين رجل خصومة ، فزيّنت حجّة أبيها. فلمّا جاءا يختصمان جعل يحبّ أن تكون الحجّة لختنه (٣). فابتلاه الله بما كان من أمر الشيطان الذي خلفه ، وذهب ملك سليمان.
__________________
(١) حديث متّفق عليه ، أخرجه البخاريّ في كتاب الجهاد ، باب الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة ، عن عبد الله بن عمر وعن عروة بن أبي الجعد. وأخرجه مسلم في كتاب الجهاد والسير ، (رقم ١٨٧١) باب الخيل في نواصيها الخير إلى يوم القيامة ، و (رقم ١٨٧٢) عن جرير بن عبد الله. وأخرجه مالك في الموطّأ في كتاب الجهاد ، ما جاء في الخيل والمسابقة بينها والنفقة في الغزو عن عبد الله بن عمر. وأخرجه ابن ماجه في كتاب الجهاد ، باب ارتباط الخيل في سبيل الله عن عروة البارقي (رقم ٢٧٨٦) وعن عبد الله بن عمر (رقم ٢٧٨٧) وعن أبي هريرة من حديث أطول (رقم ٢٧٨٨).
(٢) كذا وردت هذه الجملة في ع : «ويجهز عذابهم» ولست مطمئنّا إليها.
(٣) وردت هذه الجمل من قول الكلبيّ فاسدة في ع ، فأثبتّ تصحيحها من ز ورقة ٢٩٤.