أكلّمك أبدا إلّا سرّا أو شبهه ؛ فنزل عند ذلك : (إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْواتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ ..). الآية. فصار هذا أدبا من آداب الله أدّب به المؤمنين.
قوله عزوجل : (إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ) (٤) : تفسير الكلبيّ أنّ ناسا من العرب [من بني العنبر] (١) كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأصحابه قد أصابوا من ذراريهم فأقبلوا ليفادوهم. فقدموا المدينة ظهرا ، فإذا هم بذراريهم عند باب المسجد ، فبكى إليهم ذراريهم ، فنهضوا ، فدخلوا المسجد وعجلوا أن يخرج إليهم النبيّ عليهالسلام ، فجعلوا يقولون : يا محمّد ، اخرج إلينا.
وتفسير عمرو عن الحسن قال : كان الذين ينادونه خلف الحجرات : يا محمّد ، يا محمّد ، منافقين.
ذكر الحسن قال : جاء شاعر فنادى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فخرج إليه. فقال له النبيّ صلىاللهعليهوسلم : ويحك ، ويلك ، مالك؟ فقال : قلت لي ويحك ، ويلك ، فو الله إنّ حمدي لزين ، وإنّ شتمي لشين. فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : سبحان الله ، ذلك الله ، سبحان الله ، ذلك الله! (٢).
قال عزوجل : (وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ) : أي ، : تدفع إليهم ذراريهم بغير فداء (لَكانَ خَيْراً لَهُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (٥).
قوله عزوجل : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا) : وهي تقرأ على وجه آخر : (فتثبّتوا). والتبيين والتثبيت بمعنى واحد. (أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ) (٦).
__________________
ـ «فقال ثابت : يا نبيّ الله أخشى أن أكون قد رفعت صوتي وجهرت لك بالقول ، وأن أكون قد حبط عملي وأنا لا أشعر. فقال النبيّ صلىاللهعليهوسلم : امش على الأرض نشيطا فإنّك من أهل الجنّة». واقرأ ترجمة ثابت بن قيس في سير أعلام النبلاء للذهبيّ ، ج ١ ص ٢٢٤ ـ ٢٢٧.
(١) زيادة من ز.
(٢) انظر تفسير الطبري ، ج ٢٦ ص ١٢١ ـ ١٢٢. وانظر الواحدي ، أسباب النزول ، ص ٤٠٨ ـ ٤١٢ ففيه قصّة المفاخرة التي كانت بين شعراء بني تميم من جهة ، وبين خطيب رسول الله صلىاللهعليهوسلم ثابت بن قيس بن شماس وشاعره حسّان بن ثابت من جهة أخرى.