قوله عزوجل : (وَلَحْمٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ) (٢٢) : وقال في آية أخرى : (وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ) [الواقعة : ٢١]. ذكر الحسن قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : والذي نفسي بيده إنّ في الجنّة لطيرا أمثال البخت. فقال أبو بكر : يا رسول الله ؛ إنّ ذلك الطير لناعم ، فقال : والذي نفسي بيده إنّ الذي يأكل منها أنعم منها ، وأرجو أن تأكل منها يا أبا بكر (١).
قال بعضهم : تصفّ الطير بين يدي الرجل ، فإذا اشتهى أحدها اضطرب ثمّ صار بين يديه نضيجا.
قال عليّ بن أبي طالب : إذا اشتهوا الطعام جاءتهم طير بيض فترفع أجنحتها فيأكلون من جنوبها أيّ الألوان شاءوا ، وفيها من كلّ لون ، يأكلون ، ثمّ تطير فتذهب. قال بعضهم : بلغنا أنّ الطير تصفّ بين يديه فرسخا في فرسخ ، والطير أمثال الإبل ، فيقول الطائر : يا وليّ الله ، أمّا أنا فرعيت في وادي كذا وكذا ، وأكلت من ثمار كذا وكذا ، وشربت من عين كذا وكذا ، وسمني كذا وكذا ، وريحي كذا وكذا ، فكل منّي ، فإذا اشتهى حسن الطير واشتهى صفته فوقع ذلك في نفسه قبل أن يتكلّم به ، وقع على مائدته ، نصفه قدير ، ونصفه شواء ، فيأكل أربعين سنة ، كلّما شبع ألقي عليه ألف باب من الشهوة. قالها : ثلاث مرّات (٢). ثمّ يؤتى بالشراب على برد الكافور ، وليس بهذا الكافور ، وطعم الزنجبيل ، وليس بهذا الزنجبيل ، وريح المسك ، وليس هذا المسك ، فإذا شرب هضم ما أكل من الطعام. وتوضع المائدة بين يديه قدر عمره في الدنيا ، ويعطى قوّة مائة رجل في الجماع ؛ يجامع مقدار أربعين سنة لكلّ يوم مائة عذراء.
ذكروا عن مالك بن مالك بن حميد قال : قال لي أبو هريرة : أحسن إلى غنمك : أوسط رعاها ، وأطب مراحها ، وصل صانعها ، فإنّها من دوابّ الجنّة.
قوله عزوجل : (يَتَنازَعُونَ فِيها) : أي يتعاطون فيها (كَأْساً) : والكأس : الخمر. (لا لَغْوٌ فِيها) : أي في الجنّة ، لا معصية فيها ، في قول الحسن. وقال مجاهد : أي : لا يسمعون فيها لغوا. (وَلا تَأْثِيمٌ) (٢٣) : أي لا يؤثم بعضهم بعضا. وتفسير الكلبيّ : (لا لَغْوٌ فِيها) أي : لا حلف (٣)
__________________
(١) أخرجه أحمد والترمذيّ والبيهقيّ وغيرهم من حديث أنس.
(٢) في ق وع : «قال ثلاث مرّات».
(٣) في ق وع : «لا خلف فيها» بالخاء المعجمة ، وأثبتّ ما رأيت أنّه أصحّ وأنسب : «لا حلف فيها». وفي تفسير ـ