فيها ، (وَلا تَأْثِيمٌ) أي : لا إثم عليها في شربها. وقال بعضهم : (وَلا تَأْثِيمٌ) أي : ولا تكذيب.
قوله : (وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمانٌ لَهُمْ) : وقال في آية أخرى : (يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ) [الواقعة : ١٧] أي : لا يموتون ولا يشيبون. (كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ) (٢٤) : أي في صفاء ألوانهم. والمكنون : الذي في أصدافه.
ذكروا عن جابر بن عبد الله عن النبيّ عليهالسلام قال : خدم أهل الجنّة نور وجوههم نور الشمس ، لو كانوا في الدنيا لاقتتل أهل الدنيا عليهم. قالوا يا رسول الله ، هذا حسن الخادم ، فكيف حسن المخدوم. فقال : والذي نفسي بيده لحسن الخادم عند المخدوم كالكوكب المظلم إلى جنب القمر ليلة البدر (١).
فبلغنا ـ والله أعلم ـ أنّ أولياء الله يخيّرون قبل أن يدخلوا أمان الله ورضوانه ، ثمّ تزلف لهم الجنّة ، ويؤمر بأبوابها فتفتّح لهم ، فيخرج منه المسك مقدار خمسمائة سنة ، أو ما شاء الله من ذلك. وتخرج الحور العين قد عرفت كلّ واحدة منهنّ زوجها إذا أقبلت إليه.
ويرى مخّ ساقها من وراء سبعين حلّة من الصفاء والطيب. ثمّ يقال لهم : لكم أنتم وأزواجكم ما تحبّون. ثمّ تقدمهم الملائكة إلى الجنّة يرونهم مواضعهم. فإذا دنوا من أبوابها استقبلتهم الملائكة يقولون : (سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوها خالِدِينَ) (٧٣) [الزمر : ٧٣] أي ادخلوا دار الخلد ، ودار الجنّة ، ودار القرار ، ودار الملك ، ودار الأمان ، ودار النعيم الدائم ، ودار الفرح والسرور والبشرى ، أبشروا بنعيم مقيم أبدا ، لا ينفد ، ولا يسأم ، ولا ينقطع ، فعند ذلك يقولون : (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشاءُ) [الزمر : ٧٤]. فتنزل كلّ نفس درجتها بعملها.
في درجتها أزواج وخدم ، وفرش وأسرّة ، وأنهار تجري في غير أخدود من لبن وعسل مصفّى وماء وخمر ، وفاكهة كثيرة ، وألوان الرياحين ، والأكاليل على رؤوسهم ، ولباسهم من سندس وإستبرق وحرير. وريح المؤمن أطيب من ريح المسك الذكيّ.
__________________
ـ مجاهد : ص ٦٢٥ : «يقول : اللغو السبّ ، يقول : لا يستبّون (وَلا تَأْثِيمٌ) يقول : لا يأثمون ولا يؤثمون».
(١) أخرجه ابن جرير الطبريّ في تفسيره ، ج ٢٧ ص ٢٩ عن قتادة مرسلا وليس فيه أوّل الحديث.