وقال بعضهم : (أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ) أي : إنّ الله هو الربّ ، تبارك اسمه.
(أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ) : أي درج (يَسْتَمِعُونَ فِيهِ) (١) أي : إلى السماء (فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُمْ بِسُلْطانٍ مُبِينٍ) (٣٨) : أي بحجّة بيّنة بما هم عليه من الشرك ، أي : إنّه ليس لهم بذلك حجّة.
(أَمْ لَهُ الْبَناتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ) (٣٩) : وذلك لقولهم : إنّ الملائكة بنات الله ، وجعلوا لأنفسهم الغلمان. كقوله : (وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ ما يَكْرَهُونَ) أي البنات (وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ الْكَذِبَ أَنَّ لَهُمُ الْحُسْنى) أي الغلمان (لا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ) [النحل : ٦٢].
قال عزوجل : (أَمْ تَسْئَلُهُمْ أَجْراً) : أي على القرآن. (فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ) (٤٠) : فقد أثقلهم الغرم الذي تسألهم ، أي : إنّك لا تسألهم أجرا.
(أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ) : يعني علم غيب الآخرة (فَهُمْ يَكْتُبُونَ) (٤١) : أي لأنفسهم ما يتخيّرون من أمر الآخرة ، أي الجنّة ، إن كانت جنّة. ومعنى قولهم كقول الكافر : (وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنى) [فصّلت : ٥٠] أي : الجنّة إن كانت. أي : ليس عندهم غيب الآخرة.
قوله عزوجل : (أَمْ يُرِيدُونَ كَيْداً) : أي بالنبيّ ، أي : قد أرادوه ، وذلك ما كانوا يتآمرون فيه (فَالَّذِينَ كَفَرُوا هُمُ الْمَكِيدُونَ) (٤٢) : كقوله : (إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً (١٥) وَأَكِيدُ كَيْداً) (١٦) [الطارق : ١٥ ـ ١٦] أي : إنّ الله يكيدهم ، أي يجازيهم جزاء كيدهم وهو العذاب.
قال تعالى : (أَمْ لَهُمْ إِلهٌ غَيْرُ اللهِ) : أي ليس لهم إله غير الله.
(سُبْحانَ اللهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ) (٤٣) : ينزّه نفسه عمّا يشركون.
وقوله عزوجل : أم ، أم ، أم من أوّل الكلام : (أَمْ يَقُولُونَ شاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ) إلى هذا الموضع كلّها استفهام ، وكذّبهم به كلّه.
قوله : (وَإِنْ يَرَوْا كِسْفاً مِنَ السَّماءِ) : أي قطعة من السماء (ساقِطاً يَقُولُوا سَحابٌ مَرْكُومٌ) (٤٤) : [بعضه على بعض. وذلك أنّه قال في سورة سبأ : (إِنْ نَشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ
__________________
(١) قال أبو عبيدة في المجاز ، ج ٢ ص ٢٣٣ : «هي السلّم وهو السلّم ، ومجاز (فِيهِ) به وعليه. وفي القرآن : (وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ) [طه : ٢٣] إنّما هو على جذوع النخل. والسّلّم : السبب والمرقاة ... ويقول الرجل : اتّخذتني سلّما لحاجتك ، أي سببا».