نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفاً مِنَ السَّماءِ) [سبأ : ٩] فقالوا للنبيّ عليهالسلام : (لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى ... أَوْ تُسْقِطَ السَّماءَ كَما زَعَمْتَ عَلَيْنا كِسَفاً) [الإسراء : ٩٠ ـ ٩٢] ، فأنزل الله : (وَإِنْ يَرَوْا كِسْفاً مِنَ السَّماءِ ساقِطاً يَقُولُوا سَحابٌ مَرْكُومٌ) أي : ولم يؤمنوا] (١).
قال الله : (فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ) (٤٥) : أي يموتون بالفزع ، وهي النفخة الأولى في تفسير الحسن ، يعني كفّار آخر هذه الأمّة الذين يكون هلاكهم بقيام الساعة. وقد قال في سورة سال سائل : (فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ) (٤٢) [المعارج : ٤٢] وهي النفخة الآخرة.
قال : (يَوْمَ لا يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً) : أي لا يغني عنهم عبادة الأوثان ولا ما كادوا به النبيّ عليهالسلام شيئا. (وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ) (٤٦) : أي إذا جاءهم العذاب.
قال تعالى : (وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا) : أي أشركوا (عَذاباً دُونَ ذلِكَ) : أي بالسيف يوم بدر ، يعني من أهلك يوم بدر بالسيف في تفسير الحسن. وقال مجاهد : الجوع الذي أصابهم.
وبعضهم يقول : عذابا دون عذاب الآخرة : عذاب القبر. وقد كان الدخان والجوع الذي أصابهم بمكّة عذابا قبل عذاب السيف يوم بدر.
قال : (وَلَقَدْ أَخَذْناهُمْ بِالْعَذابِ) يعني الجوع بمكّة (فَمَا اسْتَكانُوا لِرَبِّهِمْ وَما يَتَضَرَّعُونَ (٧٦) حَتَّى إِذا فَتَحْنا عَلَيْهِمْ باباً ذا عَذابٍ شَدِيدٍ إِذا هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ) (٧٧) [المؤمنون : ٧٦ ـ ٧٧] وهو يوم بدر.
والعذاب خمس : عذاب الجوع الذي أصابهم بمكّة ، وعذاب السيف يوم بدر ، وعذاب القبر لمن مات من المشركين قبل قيام الساعة ، وعذاب الساعة الذي يهلك به كفّار آخر هذه الأمّة ، والعذاب الأكبر : جهنّم.
قال تعالى : (وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ) (٤٧) : يعني بأكثرهم جماعتهم ، يعني من لم يؤمن.
قوله عزوجل : (وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ) : أي لما يحكم الله عليك ، فأمره بقتالهم ، واصبر على أذاهم إيّاك (فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنا) : أي نرى ما تصنع وما يصنع بك ، وسنجزيك ونجزيهم.
__________________
(١) ما بين المعقوفين زيادة من ز ورقة ٣٤٢ ، لا بدّ من إثباتها.