قال تعالى : (عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى) (١٤) : ذكروا عن سعد بن كعب عن رجل عن ابن عبّاس قال : سألت كعبا عن سدرة المنتهى فقال : ينتهى إليها بأرواح المؤمنين إذا ماتوا ، لا يجاوزها روح مؤمن. فإذا قبض المؤمن شيّعه مقرّبو أهل السماوات حتّى ينتهى به إلى السدرة فيوضع. ثمّ تصفّ الملائكة المقرّبون فيصلّون عليه كما تصلّون أنتم على موتاكم هاهنا.
ذكروا عن مالك بن صعصعة أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم ذكر في حديث ليلة أسري به قال : ثمّ رفعت لنا سدرة المنتهى فإذا أوراقها مثل آذان الفيلة ، وإذا نبقها مثل قلال هجر ، وإذا أربعة أنهار تجري من أصلها : نهران ظاهران ونهران باطنان. قلت : يا جبريل ، ما هذه الأنهار؟ فقال : أمّا الباطنان فنهران في الجنّة ، وأمّا الظاهران فالنيل والفرات (١).
قوله عزوجل : (عِنْدَها جَنَّةُ الْمَأْوى) (١٥) : أي الجنّة عند السدرة ، والمأوى : مأوى المؤمنين.
قوله عزوجل : (إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ ما يَغْشى) (١٦) : ذكروا عن عبد الله بن مرّة عن مسروق قال : غشيها فراش من الذهب.
وذكر عن أبي سعيد الخدريّ قال : إنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم ذكر في حديث ليلة أسري قال : ثمّ انتهينا إلى سدرة المنتهى فغشّاها من أمر الله ما غشّى ، فأيّده بتأييده ، ورفع عن كلّ ورق ملك (٢).
وقال مجاهد : وكان أغصان الشجر من لؤلؤ.
__________________
ـ قوله قبل ذلك : (عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوى ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوى وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلى) انظر : ابن عاشور ، التحرير والتنوير ، ج ٢٧ ص ٩٤ ـ ١٠٢. وروى الطبريّ في ج ٢٧ ص ٥٠ ـ ٥١ بسند عن مسروق عن عائشة أنّها قالت : «من زعم أنّ محمّدا رأى ربّه فقد أعظم الفرية على الله. قال : وكنت متّكئا فجلست ، فقلت : يا أمّ المؤمنين ، أنظريني ولا تعجليني ، أرأيت قول الله : (وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى) (وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ)؟ قالت : إنّما هو جبريل رآه مرّة على خلقه وصورته التي خلق عليها. ورآه مرّة أخرى حين هبط من السماء إلى الأرض ، سادّا عظم خلقه ما بين السماء والأرض. قالت : أنا أوّل من سأل النبيّ صلىاللهعليهوسلم عن هذه الآية. قال : هو جبريل عليهالسلام». وانظر : ابن الجوزي ، زاد المسير ، ج ٨ ص ٦٤ ـ ٧٠.
(١) انظر ما سلف ، ج ٢ ، تفسير الآية الأولى من سورة الإسراء ، في أحاديث الإسراء والمعراج.
(٢) انظر ما سلف ، ج ٢ ، في نفس الموضع أيضا.