فالعين تزني وزناها النظر ، واليد تزني وزناها اللمس ، والرجل تزني وزناها المشي ، والنفس تهوى وتحدّث ، ويصدّق ذلك كلّه ويكذّبه الفرج (١).
ذكروا عن الحسن قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : إنّ الصلوات الخمس ، والجمعة إلى الجمعة كفّارة لما بينهما ما اجتنبت الكبائر (٢).
قوله عزوجل : (إِنَّ رَبَّكَ واسِعُ الْمَغْفِرَةِ) : أي يغفر ما دون الكبائر أي : يكفّرها بالصلوات الخمس.
قال غير واحد من العلماء : إنّ ما دون الكبائر مكفّر محطوط ، شرط من الله وثيق ، وهو قوله (إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ) [النساء : ٣١]. فإذا اجتنبت الكبائر كانت هذه السيّئات مكفّرة مغفورة ، محطوطة باجتناب الكبائر. ذكروا عن الحسن قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : مثل الصلوات الخمس كمثل رجل على بابه نهر جار عذب ينغمس فيه كلّ يوم خمس مرّات ، فماذا يبقى من درنه (٣). وتفسير درنه : إثمه.
قوله عزوجل : (هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ) : أي خلقكم من الأرض (وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ) : والأجنة من باب الجنين في بطن أمّه. قال تعالى : (فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقى) (٣٢).
ذكروا عن الحسن عن أبي بكر قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : لا يقولنّ أحد : إنّي قمت رمضان
__________________
(١) حديث صحيح أخرجه البخاريّ عن أبي هريرة في كتاب الاستئذان ، باب زنا الجوارح دون الفرج ولفظه : «عن ابن عبّاس قال : ما رأيت شيئا أشبه باللمم ممّا قال أبو هريرة عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم : إنّ الله كتب على ابن آدم حظّه من الزنا أدرك ذلك لا محالة ، فزنا العين النظر ، وزنا اللسان المنطق ، والنفس تمنّي وتشتهي ، والفرج يصدّق ذلك كلّه ويكذّبه».
(٢) انظر الإشارة إليه فيما مضى ، ج ١ ، تفسير الآية ٣١ من سورة النساء.
(٣) حديث متّفق عليه ، أخرجه البخاريّ عن أبي هريرة في كتاب الصلاة ، باب الصلوات الخمس كفّارة. وفي آخره : «فذلك مثل الصلوات الخمس يمحو الله بهنّ الخطايا». وأخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة ، باب المشي إلى الصلاة تمحى به الخطايا وترفع به الدرجات عن جابر بن عبد الله مرفوعا ولفظه : «مثل الصلوات الخمس كمثل نهر جار غمر على باب أحدكم يغتسل منه كلّ يوم خمس مرات ...» قال : قال الحسن : «وما يبقى ذلك من الدرن».