قال : (فَفَتَحْنا أَبْوابَ السَّماءِ بِماءٍ مُنْهَمِرٍ) (١١) : أي بماء منصبّ بعضه على بعض ، وليس بمطر. (وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً) : أي فصارت الأرض عيونا. وتفسير الكلبيّ : إنّ ماء السماء وماء الأرض كانا سواء. قال تعالى : (فَالْتَقَى الْماءُ) : أي ماء السماء وماء الأرض (عَلى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ) (١٢) : أي على إهلاك قوم نوح.
قال تعالى : (وَحَمَلْناهُ) : يعني نوحا (عَلى ذاتِ أَلْواحٍ) : يعني السفينة (وَدُسُرٍ) (١٣) : والدسر : المسامير في تفسير بعضهم (١) : وذلك قول الشاعر :
ودسّرها نوح وأيقن أنّها |
|
وأعلم أنّ الله قد كان عالما |
وقال الحسن : دسرها : صدرها. وقال الكلبيّ : دسرها : عوارضها ، وقال مجاهد : أضلاعها.
وقال تعالى : (تَجْرِي بِأَعْيُنِنا) : كقوله عزوجل : (إِنَّنِي مَعَكُما أَسْمَعُ وَأَرى) (٤٦) [طه : ٤٦] قال : (جَزاءً لِمَنْ كانَ كُفِرَ) (١٤) : أي جزاء لنوح إذ كفره قومه ، وجحدوا ما جاء به ، يعني إنجاء الله إيّاه في السفينة.
قوله : (وَلَقَدْ تَرَكْناها آيَةً) : لمن بعدهم ، يعني السفينة. قال بعضهم أبقاها الله بباقردى من أرض الجزيرة ، حتّى أدركها أوائل هذه الأمّة. وكم من سفينة كانت بعدها فصارت رمادا.
قال : (فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) (١٥) : أي متفكّر ؛ يأمرهم أن يعتبروا أو يحذروا أن ينزل بهم ما نزل بهم ، فيؤمنوا. قال : (فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ) (١٦) (٢) أي : كان شديدا (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ) : أي ليذكروا الله (فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) (١٧) : وهي مثل الأولى.
قال تعالى : [(كَذَّبَتْ عادٌ فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ (١٨) إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً) : والصرصر الباردة الشديدة البرد ، أحرقت أجوافهم ، وهي ريح الدّبور. قال : (فِي يَوْمِ نَحْسٍ) : أي مشؤوم (مُسْتَمِرٍّ) (١٩) : أي استمرّ بالعذاب. (تَنْزِعُ النَّاسَ) : أي تنزع
__________________
(١) قال أبو عبيدة في المجاز ، ج ٢ ص ٢٤٠ : «الدسر : المسامير والخرز ، واحدها : دسار. يقال : هات لي دسارا». وقال الفرّاء في المعاني ، ج ٣ ص ١٠٦ : «مسامير السفينة ، وشرطها التي تشدّ بها».
(٢) قال الفرّاء في المعاني ، ج ٣ ص ١٠٧ : «النّذر هاهنا مصدر ، معناه : فكيف كان إنذاري. ومثله : (عُذْراً أَوْ نُذْراً) يخفّفان وبثقّلان ...».