أرواح الناس وتصرعهم ، (كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ) (٢٠) : شبّههم في طولهم وعظمهم بالأعجاز ، وهي النخل التي قد انقلعت من أصولها فسقطت على الأرض. قال تعالى : (فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ) (٢١) : أي كان شديدا. وهي مثل الأولى. (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) (٢٢) : وهي مثل الأولى.
(كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ) (٢٣) : أي بالرسل ، يعني صالحا (فَقالُوا أَبَشَراً مِنَّا واحِداً نَتَّبِعُهُ) : يعنون صالحا (إِنَّا إِذاً لَفِي ضَلالٍ) : أي في ضلال من ديننا (وَسُعُرٍ) (٢٤) : أي في عذاب ، في تفسير الحسن. وقال مجاهد : (لَفِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ) أي : وشقاء (١).
(أَأُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنا) : على الاستفهام منهم ، وهذا استفهام على إنكار ؛ أي : لم ينزل عليه الذكر من بيننا. يجحدون الذكر الذي جاء به صالح. (بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ) (٢٥) : والأشر اللّعّاب ، وهو من باب الأشر (٢). قال تعالى : (سَيَعْلَمُونَ غَداً مَنِ الْكَذَّابُ الْأَشِرُ) (٢٦). قال الحسن : يوم القيامة. جعل الله قرب الآخرة من الدنيا كقرب اليوم من غد. قال : (سَيَعْلَمُونَ غَداً مَنِ الْكَذَّابُ الْأَشِرُ) (٢٦) أي اللّعّاب ، لأنّ الكافر في الدنيا في لعب ، كقوله عزوجل : (الَّذِينَ هُمْ فِي خَوْضٍ يَلْعَبُونَ) (١٢) [الطور : ١٢] وما أشبه ذلك. وقالوا لإبراهيم : (أَجِئْتَنا بِالْحَقِّ أَمْ أَنْتَ مِنَ اللَّاعِبِينَ) (٥٥) [الأنبياء : ٥٥].
ثمّ قال : (إِنَّا مُرْسِلُوا النَّاقَةِ فِتْنَةً لَهُمْ) : أي بليّة لهم. (فَارْتَقِبْهُمْ) : أي انظر ماذا يصنعون (وَاصْطَبِرْ) (٢٧) : أي على ما يصنعون وعلى ما يقولون ، أي : إذا جاءت الناقة. وقد فسّرنا أمر الناقة في طسم الشعراء (٣).
__________________
(١) كذا في ق وع وز : «وسعر ، أي : وشقاء في تفسير مجاهد. أمّا في تفسير مجاهد ، ص ٦٣٧ فجاء فيه ما يلي : «قال : السّعر الضلال أيضا» ، وفي معاني الفرّاء ، ج ٣ ص ١٠٨ : «أراد بالسعر : العناء للعذاب». وقال أبو عبيدة : «جمع سعيرة». وفي اللسان : «في ضلالة وجنون». ونسب فيه هذا القول إلى الفارسيّ. والصحيح ما ذهب إليه الفرّاء وقتادة من أنّ السعر هو العذاب ، وهو جمع سعير كما ذكره الطبريّ في تفسيره ، ج ٢٧ ص ١٠٠.
(٢) قال أبو عبيدة في المجاز ، ج ٢ ص ٢٤١ : «الأشر : ذو التجبّر والكبرياء ، وربّما كان النشاط». وقال الطبريّ : «يعنون بالأشر المرح ذا التجبّر والكبرياء والمرح من النشاط».
(٣) انظر ما مضى من هذا التفسير ، ج ٣ ، تفسير الآية ١٥٨ من سورة الشعراء.