قال : (أَتْراباً) (٣٧) : أي على سنّ واحدة ، عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : إنّ أهل الجنّة لا يدخلونها كلّهم رجالهم ونساؤهم إلّا على نحو ثلاث وثلاثين سنة ، على طول آدم ، وطوله ستّون ذراعا. والله أعلم بأيّ ذراع ، لا يتغوّطون ولا يبولون ، ولا يمتخطون. والنساء عرب أتراب لا يلدن ولا يحضن ولا يمتخطن ولا يقضين حاجة ، أي : ليس فيهنّ قذر.
ذكر الحسن أنّ امرأة من عمّات النبيّ عليهالسلام قالت : يا رسول الله : ادع الله أن يجعلني معك في الجنّة. قال : يا عمّة ، إنّ الجنّة لا يدخلها عجوز. ففزعت من ذلك ، فقال : إن الله جعلهنّ شوابّ أبكارا (١).
قال الحسن : يجعل العجوز شابّة ، والمولودة الصغيرة يشبّها حتّى تكون بنت ثلاث وثلاثين سنة. يعني قوله : (إِنَّا أَنْشَأْناهُنَّ إِنْشاءً (٣٥) فَجَعَلْناهُنَّ أَبْكاراً (٣٦) عُرُباً أَتْراباً) (٣٧). قال : (لِأَصْحابِ الْيَمِينِ) (٣٨) : وأصحاب اليمين هاهنا ، في تفسير الحسن ، جماعة أهل الجنّة. قال في الآية الأولى : (ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (١٣) وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ) (١٤) [الواقعة : ١٣ ـ ١٤] يعني بالثلّة سابقي من مضى من أصحاب الأنبياء مع الأنبياء (وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ) يعني أصحاب محمّد مع محمّد صلىاللهعليهوسلم. وقال في هذه الآية : (ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (٣٩) وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ) (٤٠) : يعني التابعين ممّن مضى والتابعين من هذه الأمّة ، فسوّى بين تابعينا وتابعيهم ، وسابقهم أكثر من سابقنا. فيدخل الله أطفالنا الجنّة وأطفالهم ، فنكون شطر أهل الجنّة بأطفالنا ، لأنّ أطفالنا أكثر من أطفالهم.
ذكروا أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال لأصحابه يوما : إنّي لأرجو أن تكونوا ربع أهل الجنّة ، فكبّروا وحمدوا الله واستبشروا. ثمّ قال : إنّي لأرجو أن تكونوا ثلث أهل الجنّة. فكبّروا وحمدوا الله واستبشروا. ثمّ قال : إنّي لأرجو أن تكونوا نصف أهل الجنّة. فكبّروا وحمدوا الله واستبشروا (٢). قال الحسن : إنّ ذلك لفي كتاب الله : (ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ).
ذكروا عن جابر بن عبد الله عن النبيّ عليهالسلام مثل ذلك غير أنّه لم يذكر الأخيرة.
__________________
(١) انظر الإشارة إليه فيما مضى قريبا في هذا الجزء ، تفسير الآية ٥٦ من سورة الرحمن.
(٢) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان ، باب كون هذه الأمّة نصف أهل الجنّة ، عن عبد الله (رقم ٢٢١). وأخرجه ابن ماجه في كتاب الزهد ، باب صفة أمّة محمّد صلىاللهعليهوسلم ، عن عبد الله (رقم ٤٢٨٣) ، وأوّله : «أترضون أن تكونوا ربع أهل الجنّة ...».