السفرة الكرام البررة. (لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ) (٧٩) : أي : من الذنوب ، يعني الملائكة (تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ) (٨٠) : أي نزل به جبريل. وفيها تقديم ؛ يقول : نزل من ربّ العالمين في كتاب مكنون لا يمسّه إلّا المطهّرون.
قال : (أَفَبِهذَا الْحَدِيثِ) : يعني القرآن (أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ) (٨١) : أي تاركون له ، يقوله للمشركين. كقوله عزوجل : (وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ) (٩) [القلم : ٩] أي : ودّوا لو تدع هذا الأمر الذي بعثت به فيدعونه.
قال : (وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ) (٨٢) : كقوله : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللهِ كُفْراً) [إبراهيم : ٢٨].
قال : (فَلَوْ لا) : أي فهلّا (إِذا بَلَغَتِ) : أي النفس التي زعمتم أنّ الله لا يبعثها.
(الْحُلْقُومَ (٨٣) وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ (٨٤) وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلكِنْ لا تُبْصِرُونَ (٨٥) فَلَوْ لا) : أي فهلّا (إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ) (٨٦) : أي غير محاسبين ، في تفسير بعضهم ، وقال بعضهم : غير مقرّين بالبعث. وقال بعضهم : غير مملوكين (١) (تَرْجِعُونَها) : يعني النفس إلى الدنيا (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) (٨٧) : أي بأنّكم لا تبعثون.
قال : (فَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ (٨٨) فَرَوْحٌ وَرَيْحانٌ) : وهي تقرأ على وجهين : (فروح) ، و (فروح) وكان الحسن يقرأها : (فروح) ، بضمّ الراء. وتفسير الحسن في (روح) : الحياة الطويلة في الجنّة. وبعضهم يقول : الروح : الرحمة. ومقرأ الكلبيّ : (فروح) ، يعني الراحة. وقال الكلبيّ : الريحان : الرزق (٢).
__________________
(١) اختلف المفسّرون قديما في المراد من قوله : (غَيْرَ مَدِينِينَ) وروي في معناه خمسة أقوال ، والراجح منها ـ حسبما ذهب إليه جمهور المفسّرين ـ أنّ معناه غير مجزيّين ، وهو ما ذهب إليه أبو عبيدة في المجاز ، وكان الفرّاء رجّح معنى غير مملوكين.
(٢) جاء في معاني الفرّاء ، ج ٣ ص ١٢١ ما يلي : «قال الفرّاء قال : وحدّثني شيخ عن حمّاد بن سلمة عن عبد الله بن شقيق عن عائشة عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم أنّه قال : (فَرَوْحٌ وَرَيْحانٌ) وقراءة الحسن كذلك والأعمش وعاصم والسلميّ وأهل المدينة وسائر القرّاء (فَرَوْحٌ) ، أي : فروح في القبر. ومن قرأ : (فَرَوْحٌ) يقول : حياة لا موت فيها (وَرَيْحانٌ) : رزق».