كلّ شيء ويهلك كلّ شيء. كقوله عزوجل : (إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْها وَإِلَيْنا يُرْجَعُونَ) (٤٠) [مريم : ٤٠].
قال تعالى : (لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقاتَلَ) : [فيها تقديم : لا يستوي من أنفق منكم من قبل الفتح وقاتل] (١) ، وهو فتح مكّة (أُولئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللهُ الْحُسْنى) : أي الجنّة ، من أنفق وقاتل قبل فتح مكّة وبعده. قال : (وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) (١٠).
ذكروا عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : لا هجرة بعد فتح مكّة (٢).
ذكروا عن صفوان بن أميّة (٣) وسهيل بن عمرو (٤) ورجلين آخرين قدموا على النبيّ صلىاللهعليهوسلم من مكّة فقال : ما جاء بكم؟ فقالوا : سمعنا أنّه لا إيمان لمن لم يهاجر. فقال : إنّ الهجرة قد انقطعت ، ولكن جهاد ونية وحسبة (٥). ثمّ قال : أقسمت عليك يا أبا وهب لترجعنّ إلى أباطح مكّة.
قوله : (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً) : [أي محتسبا] (٦) وهذا في النفقة في سبيل الله وفي صدقة التطوّع (فَيُضاعِفَهُ لَهُ) : وتفسيره في سورة البقرة : (مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللهُ يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ) (٢٦١) [البقرة : ٢٦١].
__________________
(١) زيادة من ز ، ورقة ٣٥٢.
(٢) حديث متّفق على صحّته ، أخرجه البخاريّ في كتاب الجهاد والسير ، عن ابن عبّاس ، بلفظ : «لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية ، وإذا استنفرتم فانفروا». وأخرجه مسلم في كتاب الإمارة ، عن ابن عبّاس (رقم ١٣٥٣) وعن عائشة (رقم ١٨٦٤).
(٣) هو صفوان بن أميّة بن خلف القرشيّ الجمحيّ ، وكنيته : أبو وهب. انظر ترجمته في الاستيعاب لابن عبد البرّ ، ج ٢ ص ٧١٨ ، وفي سير أعلام النبلاء ، للذهبيّ ، ج ٢ ص ٤٠٥.
(٤) في ق وع جاء الاسم هكذا : «سهل بن عمر» والصحيح ما أثبتّه سهيل بن عمرو بن عبد شمس القرشيّ العامريّ من سادات قريش وأشرافهم ، ويكنّى أبا يزيد. وكان خطيب قريش ، له مواقف قبل إسلامه وبعد إسلامه. انظر ترجمته في الاستيعاب ، ج ٢ ص ٦٦٩.
(٥) كذا وردت الكلمة : «وحسبة». ولعلها : «ونية حسنة».
(٦) زيادة من ز ورقة ٣٥٢.