وسيّئاتهم ، وقد فسّرنا أمرهم في سورة الأعراف (١).
قال : (يُنادُونَهُمْ) : أي ينادي المنافقون المؤمنين حين ضرب الله بينهم بسور : (أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ) : أي في الدنيا ، أي على دينكم ، نشهد بشهادتكم ، ونتنسّك مناسككم (قالُوا) : أي قال لهم المؤمنون : (بَلى) : [أي فيما أظهرتم] (٢) (وَلكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ) : أي بالمعاصي (وَتَرَبَّصْتُمْ) : أي بالتوبة.
(وَارْتَبْتُمْ) : أي وشككتم أن يعذّبكم الله بعد إقراركم وشهادتكم (وَغَرَّتْكُمُ الْأَمانِيُّ) : التي منّيتم بها أنفسكم من قولكم : يهلك محمّد وأصحابه فلا نستفسد إلى إخواننا من المشركين. (حَتَّى جاءَ أَمْرُ اللهِ) : أي الموت وأنتم على حالكم هذه (وَغَرَّكُمْ بِاللهِ الْغَرُورُ) (١٤) : وهو الشيطان ، غرّكم بوسواسه إليكم أنّ الله لا يعذّبكم بعد إقراركم وتوحيدكم (٣).
قوله تعالى : (فَالْيَوْمَ لا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ) : يا أهل النفاق لأنّ المخاطبة إنّما كانت من الله لهم (وَلا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا) أيضا ، يعني أهل الإنكار والجحود (٤). قال تعالى : (مَأْواكُمُ النَّارُ) : يعني المنافقين والكفّار والجاحدين ، كقوله عزوجل : (إِنَّ اللهَ جامِعُ الْمُنافِقِينَ وَالْكافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً) (١٤٠) [النساء : ١٤٠] قال : (مَأْواكُمُ النَّارُ) أنتم المنافقون والكفّار. (هِيَ مَوْلاكُمْ) : أي كنتم تتولّونها في الدنيا فتعملون عمل أهلها الذين يدخلونها اليوم ، فهي مولاكم اليوم (وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) (١٥).
__________________
(١) انظر ما مضى ، ج ٢ ، تفسير الآية ٤٦ من سورة الأعراف.
(٢) زيادة من ز ، ورقة ٣٥٢.
(٣) كذا ورد تأويل هذه الآية في ق وع ، وهو تأويل من الشيخ هود الهوّاريّ يؤكّد به رأي الإباضيّة في مسألة الكفر والإيمان. وهذا ما جاء في تفسير ابن سلّام من اختصار ابن أبي زمنين كما جاء في مخطوطة ز ، ورقة ٣٥٢ : (وَلكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ ، أَنْفُسَكُمْ) أي أكفرتم أنفسكم ، (وَتَرَبَّصْتُمْ) أي بالنبيّ ، وقلتم : يهلك ونرجع إلى ديننا (وَارْتَبْتُمْ) أي : وشككتم ، (وَغَرَّتْكُمُ الْأَمانِيُّ) أي ما كنتم تتمنّون من قولكم : يهلك محمّد وأصحابه فنرجع إلى ديننا ، (حَتَّى جاءَ أَمْرُ اللهِ) قال بعضهم : يعني الموت (وَغَرَّكُمْ بِاللهِ الْغَرُورُ) الشيطان أخبركم بالوسوسة إليكم أنّكم لا ترجعون إلى الله».
(٤) كذا في ق وع ، وجاء في ز ما يلي : «يعني الذين جحدوا في الدنيا في العلانية. وأمّا المنافقون فجحدوا في السرّ وأظهروا الإيمان فآمنوا كلّهم في الآخرة فلم يقبل منهم».