حيث أقرّوا بالإيمان وجرت عليهم أحكامه.
قال تعالى : (أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْكاذِبُونَ) (١٨) : أي إذا ظنّوا أنّهم على شيء ولم يعملوا بفرائض الله ويوفوا كوفاء المؤمنين (١) كقوله : (يا أَهْلَ الْكِتابِ لَسْتُمْ عَلى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ ،) أي : حتّى تعملوا بما عهد إليكم ربكم في كتبه التي أنزل على أنبيائه. ثمّ قصد إلى المسلمين فقال : (وَما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ) [المائدة : ٦٨] يقول : وأنتم أيضا يا معشر من أقرّ للنبيّ عليهالسلام بما جاء (لَسْتُمْ عَلى شَيْءٍ) ، أي : لستم مؤمنين حتّى تقيموا ما أنزل إليكم من ربكم في كتابه الذي أنزل إليكم وما عهد إليكم على لسان نبيّه.
قال تعالى : (اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطانُ فَأَنْساهُمْ ذِكْرَ اللهِ) : أي غلب واستولى عليهم ، فأنساهم أن يذكروا الله في كلّ ما عهد إليهم فيؤمنوا به على حال ما فرضه عليهم (٢).
قال : (أُولئِكَ حِزْبُ الشَّيْطانِ) : أي شيعة الشيطان (أَلا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطانِ هُمُ الْخاسِرُونَ) (١٩) : أي خسروا أنفسهم فصاروا في النار وخسروا الجنّة.
قوله : (إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللهَ وَرَسُولَهُ) : أي يعادون الله ورسوله (أُولئِكَ فِي الْأَذَلِّينَ) (٢٠) : أي أذلّهم الله (كَتَبَ اللهُ) : أي فرض الله (٣) (لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللهَ قَوِيٌ) في سلطانه (عَزِيزٌ) (٢١) في نقمته (٤).
__________________
(١) كذا في ق وع ، وفي ز : «ألا إنّهم هم الكاذبون يوم يحلفون له». والجمل التي تأتي بعد هذا كلّها من الشيخ هود الهوّاريّ ولا شكّ ، فهو من عادته أن يقف عند كلّ مناسبة ، ليؤكّد بها أصلا من أصول الإباضيّة في أنّ الإيمان الحقّ لا يتمّ إلّا بالعمل الصالح. وكأنّي به في تفسير آية المائدة يحمّلها ما لا تحتمل. فالآية مصدّرة بخطاب أهل الكتاب ، وليست موجّهة في قوله : (وَما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ) لمن أقرّ للنبيّ محمّد عليهالسلام بالإسلام كما يراه الشيخ هود. وإذا كان ما زاده حقّا وصوابا فليس مستنبطا من الآية. وانظر تفسيرها مختصرا فيما سلف ، ج ١ ، تفسير الآية ٦٨ من سورة المائدة.
(٢) هكذا وردت هذه الجملة في ق وع : «فيؤمنوا به على حال ما فرضه عليهم» ولست مطمئنّا إلى صحّة عبارتها.
(٣) كذا في ق وع : «فرض الله» ، وفي ز ، ورقة ٣٥٦ : «قضى الله» ، وهذه الكلمة الأخيرة أصحّ وأبلغ.
(٤) كذا في ق وع ، وجاء في ز ما يلي : «قال محمّد : قيل : إنّ معنى غلبة الرسل على نوعين : فمن بعث بالحرب فغالب بالحرب ، ومن بعث منهم بغير حرب فغالب بالحجّة».