ذكروا أنّ عبد الرحمن بن عوف قدم على رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فآخى النبيّ بينه وبين سعد بن الربيع الأنصاريّ ، فقال له سعد : أقاسمك مالي نصفين ، وكان ذا غنى ، قال : وعندي امرأتان فأيّتهما أعجبتك (١) حتّى أطلّقها فإذا انقضت عدّتها فتزوّجها. فقال له : بارك الله لك في مالك وأهلك. دلّوني على السوق. فما رجع حتّى استحصل إقطا كثيرا وسمنا ، وأحسبه قال : وتمرا. فجاء به إلى منزله. فمكثا ما شاء الله. فرأى رسول الله صلىاللهعليهوسلم أثر صفرة في صدره فقال. مهيم؟ (٢) فقال : يا رسول الله ، تزوّجت امرأة من الأنصار. قال : ما سقت إليها؟ قال : تومة (٣) من ذهب أو ورق. فقال : أو لم ولو بشاة (٤). ذكروا أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم أعطى من غنائم خيبر الأقرع بن حابس مائة من الإبل ، وأعطى عيينة بن حصن بن بدر مائة من الإبل ، فقال أناس من الأنصار : يعطي النبيّ صلىاللهعليهوسلم غنائمنا رجالا سيوفنا تقطر من دمائهم وسيوفهم تقطر من دمائنا!. [فبلغ ذلك صلىاللهعليهوسلم فدعا الأنصار] (٥) فاجتمعت إليه الأنصار ، فقال النبيّ عليهالسلام : هل فيكم غيركم؟ قالوا : لا يا رسول الله إلّا ابن أخت لنا. فقال : ابن أخت القوم منهم. ثمّ قال : يا معشر الأنصار ، ألا ترضون أن يذهب الناس بالدنيا وبالشاء والإبل وتذهبون أنتم بمحمّد إلى دياركم؟ قالوا : بلى ، يا رسول الله. قال : لو أخذ الناس واديا وأخذت الأنصار شعبا لسلكت شعب الأنصار. الأنصار كرشي وعيبتي ، ولو لا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار (٦).
__________________
وقال : «وهو غلط بيّن». انظر : ابن حجر ، فتح الباري ، ج ٧ ص ١١٩ ـ ١٢٠ ، وج ٨ ص ٦٣١ ـ ٦٣٢ ، وانظر : السيوطي ، الدرّ المنثور ، ج ٦ ص ١٩٥ ، والواحدي ، أسباب النزول ، ص ٤٤٥ ـ ٤٤٦ وغيرها من مصادر التفسير والحديث.
(١) كذا في ق وع ، وفي مخطوطة تفسير ابن سلّام قطعة ١٨٠ : «فانظر أيّهما أعجب إليك».
(٢) «مهيم» أي : ما وراءك؟ وفي رواية : «ما هذا؟».
(٣) «تومة» : هي حبّة تعمل مستديرة كاللؤلؤة من فضّة. وفي البخاريّ : «زنة نواة من ذهب».
(٤) حديث متّفق عليه ، رواه البخاريّ في مناقب الأنصار ، باب إخاء النبيّ صلىاللهعليهوسلم بين المهاجرين والأنصار. وفي كتاب النكاح ، باب الصفرة للمتزوّج ، وباب كيف يدعى للمتزوّج. وفيه عن أنس رضي الله عنه «أنّ النبيّ صلىاللهعليهوسلم رأى على عبد الرحمن بن عوف أثر صفرة ، قال : ما هذا؟ قال : إنّي تزوّجت امرأة على وزن نواة من ذهب. قال : بارك الله لك ، أو لم ولو بشاة».
(٥) زيادة لا بدّ منها.
(٦) حديث صحيح رواه البخاريّ في باب مناقب الأنصار ، وفي باب قول النبيّ صلىاللهعليهوسلم : لو لا الهجرة لكنت امرءا ـ