مملوكه وإن شاء لم يفعل ، ويستحبّ له أن يفعل ، وليس بحتم. وقوله عزوجل : (وَلِلْمُطَلَّقاتِ مَتاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ) [البقرة : ٢٤١]. إن شاء متّع وإن شاء لم يمتّع ، ويستحبّ له أن يفعل ، وليس بحتم ، إلّا أن يطلق قبل أن يدخل بها ولم يفرض ، فتلك التي لها المتعة واجبة (١).
قوله عزوجل : (وَإِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْها وَتَرَكُوكَ قائِماً). ذكروا عن الحسن قال : كانت عير تجيء إلى المدينة في الزمان مرّة ، فجاءت يوم الجمعة ، فانطلق الناس إليها ، فأنزل الله هذه الآية ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : لو اتّبع آخركم أوّلكم لسال عليكم الوادي نارا (٢).
وقال بعضهم : التجارة العير التي كانت تجيء ، واللهو : كان دحية الكلبيّ قدم في عير من الشام ، وكان رجلا جميلا ، وكان جبريل عليهالسلام يأتي النبيّ عليهالسلام في صورته ، فقدمت عير ومعهم دحية الكلبيّ ، والنبيّ عليهالسلام يخطب يوم الجمعة ، فتسلّلوا ينظرون إلى العير ، وهي التجارة ، وينظرون إلى دحية الكلبيّ ، وهو اللهو ، أي لهوا بالنظر إلى وجهه وتركوا الجمعة.
وقال بعضهم : سودان كانوا بالمدينة يلعبون ، وهو اللهو.
قال عزوجل : (قُلْ) يا محمّد (ما عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ مِنَ اللهْوِ وَمِنَ التِّجارَةِ وَاللهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) (١١).
* * *
__________________
(١) جاء في مخطوطة ابن سلّام رقم ١٨٠ آثار كثيرة وأقوال للصحابة والتابعين في فضل الجمعة وأحكامها تكاد تبلغ صفحتين لم يورد الشيخ هود إلّا القليل منها. أمّا ابن أبي زمنين فلم يشر إليها أصلا ، حتّى إنّ سورة الجمعة في مختصر تفسيره لا تكاد تبلغ صفحة واحدة.
(٢) أخرجه الحافظ أبو يعلى مرفوعا من حديث جابر بن عبد الله ، وأخرجه عبد بن حميد عن الحسن مرسلا ، ولفظه عندهما : «والذي نفسي بيده لو تتابعتم حتّى لا يبقى معي أحد منكم لسال بكم الوادي نارا». وانظر : الواحدي ، أسباب النزول ، ص ٤٥٦.