لعنهم الله (أَنَّى يُؤْفَكُونَ) (٤) : أي كيف يصدّون عن الإيمان.
قوله تعالى : (وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا) : أي أخلصوا الإيمان (يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللهِ لَوَّوْا رُؤُسَهُمْ) : أي أعرضوا عن ذلك (وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ) : أي عن دين الله وعن الحكومة إلى نبيّ الله والمؤمنين ، ويدعون إلى المحاكمة إلى وثن بني فلان الذي كان أهل الجاهليّة يتحاكمون إليه. كقوله تعالى : (وَإِذا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ) (٤٨) [النور : ٤٨] وكقوله تعالى : (وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا إِلى ما أَنْزَلَ اللهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً) (٦١) [النساء : ٦١]. قال : (وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ) (٥) : أي إنّهم أهل كبر وعظمة وأنف (١).
قال تعالى : (سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ) (٦) : أي فسق النفاق ، وهو فسق دون فسق ، وفسق فوق فسق. فأخبر الله أنّهم يموتون على النفاق ومقيمون عليه ، فلم يستحلّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن يستغفر لهم بعد ذلك.
قال بعضهم : لمّا نزلت الآية التي في براءة : (اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ) [التوبة : ٨٠] قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : قد خيّرني ربّي فلأزيدنّ على السبعين (٢). فنزلت هذه الآية في المنافقين : (سَواءٌ عَلَيْهِمْ ، أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ ، أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ ، إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ) أي : لا يكونون بالفسق والنفاق مهتدين عند الله.
قال تعالى : (هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لا تُنْفِقُوا عَلى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا). تفسير الحسن : إنّه كان بين عبد الله بن أبيّ ابن سلول ـ رأس المنافقين ـ وبين رجل من المسلمين من فقرائهم قول ، فقال : يا رسول الله ما لهم ، ولّى الله أمرهم فلانا ، يعني ذلك الرجل وأصحاب فلان (٣). ثمّ نظر إلى أصحابه فقال : أما والله ، لو كنتم تمنعون أطعمتكم هؤلاء الذين
__________________
(١) كذا في ق وع : «أنف» ، وهي كلمة عربيّة صريحة من : أنف يأنف أنفا وأنفة ، أنف من الشيء أي : استنكف وتكبّر.
(٢) انظر الإشارة إليه فيما سلف ، ج ٢ ، تفسير الآية المذكورة من سورة التوبة.
(٣) كذا في ق وع ، وعبارة الفرّاء : «وكلهم الله إلى جعال ، وذوي جعال». وجعال (ويقال : جعيل) بن سراقة ـ