قال بعضهم في الغائب يطلّق امرأته : إنّه يكتب إليها : إذا حضت ثمّ تطهّرت من محيضك فاعتدّي. فإن كانت حاملا فاستبان حملها كتب إليها بطلاقها. وإذا طلّقها بعض الطلاق ، وكانت تعتدّ ، ثمّ أتبعها طلاقا ، فإنّها تعتدّ من أوّل طلاقها.
قوله عزوجل : (وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللهَ رَبَّكُمْ) : أي فلا تطلّقوهن في الدم ولا في الطهارة وقد جامعتموهنّ ، إلّا في الطهارة بعد أن يغتسلن من المحيض من قبل أن تجامعوهنّ.
قوله عزوجل : (لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ) : لا تخرج من بيتها حتّى تنقضي عدّتها ، وإن (١) طلّقها ثلاثا في قول العامّة. وفي قول ابن عبّاس والحسن : إن شاءت خرجت إذا طلّقها ثلاثا ، وإذا توفّي عنها زوجها أيضا.
معنى قولهما : تعتدّ منه وإن طلّقها اثنتين أيضا ، ومعنى قول العامّة : أنّها في المطلّقات اللاتي دخل بهنّ لا يخرجن حتّى تنقضي عدّتهنّ.
وهذا الخروج ألّا تتحوّل من بيتها ، فإن احتاجت إلى الخروج بالنهار لحاجتها ، خرجت ولا تمسي (٢) إلّا في بيتها.
ذكروا عن فاطمة بنت قيس أنّها أتت النبيّ عليهالسلام وقد أبتّ زوجها طلاقها ، فقال : لا سكنى لك ولا نفقة (٣).
ذكروا عن عمر أنّه قال : ما كنّا لنأخذ بقول امرأة لعلّها وهمت ، سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : لها السكنى والنفقة (٤).
__________________
(١) في ق وع : «فإن طلّقها» ، والصواب ما أثبتّه حتّى يستقيم المعنى.
(٢) كذا في ق وع. وفي ز : «ولا تبيت» ، وكلاهما صحيح ، والتعبير الثاني أكثر تسامحا.
(٣) حديث صحيح أخرجه مسلم في كتاب الطلاق ، باب المطلّقة ثلاثا لا نفقة لها (رقم ١٤٨٠) ولفظه : «لا نفقة لك ولا سكنى». وأخرجه ابن ماجه في كتاب الطلاق. باب المطلّقة ثلاثا هل لها سكنى ونفقة ، عن فاطمة بنت قيس أيضا (رقم ٢٠٣٥ و ٢٠٣٦).
(٤) لم أجد فيما بين يديّ من مصادر الحديث رواية لهذا الحديث بسند صحيح يرفعه راويه إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، إلّا رواية من طريق إبراهيم النخعيّ ، وهو حديث منقطع لا تقوم به حجّة. وإنّما ورد في بعضها قول عمر هكذا : قال عمر : لا نترك كتاب الله وسنّة نبيّنا صلىاللهعليهوسلم لقول امرأة لا ندري لعلّها حفظت أو نسيت ؛ لها ـ