ذكروا عن ميمون بن مهران قال : سألت ابن المسيّب عن أشياء فقال : إنّك تسأل سؤال رجل يمتحن ، فهل خالفت في شيء ممّا سمعت ما سمعت من غيري؟ قلت : لا ، إلّا قولك في المطلّقات إنّها لا تنتقل ، فما بال حديث فاطمة بنت قيس؟ فقال : ويح تلك المرأة ، كيف فتنت الناس! قلت : إن كان أفتاها رسول الله صلىاللهعليهوسلم فما فتنت.
قوله عزوجل : (إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ) : ذكروا عن نافع عن ابن عمر قال : [الفاحشة المبيّنة خروجها في عدّتها. وقال بعضهم] (١) : الفاحشة : الزنا ، والمبيّنة : أن يشهد عليها أربعة أنّها زنت (٢). وكانت المرأة إذا زنت وشهد عليها أربعة أخرجت من بيت زوجها ، وحبست في بيت آخر قبل أن ينزل حدّ الزاني ، وهو قوله عزوجل : (وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ مِنْ نِسائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللهُ لَهُنَّ سَبِيلاً) (١٥) [النساء : ١٥] فنسخ ذلك في هذه الآية : (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ) [النور : ٢].
__________________
ـ السكنى والنفقة ، قال الله عزوجل : (لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ). انظر في صحيح مسلم أحاديث الباب ، واقرأ في نيل الأوطار للشوكانيّ ، ج ٦ ص ٣١٩ ـ ٣٢٢ ، باب ما جاء في نفقة المبتوتة ، تحقيقا قيّما انتهى به صاحبه إلى أنّ حديث فاطمة بنت قيس هو الصحيح ، وأنّ ما نسب إلى عمر «كذب على عمر وكذب على رسول الله صلىاللهعليهوسلم». وقال الدارقطنيّ : «السنّة بيد فاطمة قطعا». وانظر : فتح الباري ، ج ٩ ص ٤٧٧ ـ ٤٨١. وانظر : الجصّاص ، أحكام القرآن ج ٥ ص ٣٥٥ ـ ٣٥٨. وجمهور فقهاء الإباضيّة على أنّه لا نفقة ولا سكنى للمطلّقة طلاقا بائنا ، على أنّ في المسألة خلافا داخل المذهب. انظر : السالمي ، شرح الجامع الصحيح ، ج ٣ ص ٧٤ ـ ٧٨. وانظر : السالمي ، جوهر النظام ، ج ١ ص ٢٠٥. وانظر : الجنّاوني ، كتاب النكاح ، ص ٣٠٥ ـ ٣٠٦ ، وتعليق الشيخ علي معمّر رحمهالله في الموضوع. وانظر : اطفيّش ، شرح النيل ، ج ٧ ص ٣٩٧ ـ ٣٩٨. وانظر : بشر بن غانم الخراساني ، المدوّنة الصغرى ، ج ٢ ص ٢٦٧.
(١) سقط ما بين المعقوفين من ق وع ، فأثبتّه من ز ، ورقة ٣٦٥. وهو الموافق لما جاء في تفسير الطبريّ ، ج ٢٨ ص ١٣٤ منسوبا إلى ابن عمر ، والقول الذي جاء بعده هو قول لابن زيد ، كما جاء في تفسير الطبريّ ، ونسب أيضا إلى الحسن وإلى مجاهد.
(٢) يكون هذا قولا لمن قرأ بفتح الياء المشدّدة من مبيّنة ، وهي قراءة ابن كثير وأبي بكر كما ذكرها الداني في التيسير ، ص ٩٥.