وبعضهم يقول : (إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ) أي : تزني فتخرج فيقام عليها الحدّ. وبعضهم يقول : الفاحشة المبيّنة : النشوز البيّن (١).
قوله عزوجل : (وَتِلْكَ حُدُودُ اللهِ) : أي أحكام الله. وقال الكلبيّ : هذا حدّ الله ، بيّن فيه طاعته ومعصيته. قوله عزوجل : (وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ) : أي يجاوز ما أمر الله به (فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ) (٢).
قوله عزوجل : (لا تَدْرِي لَعَلَّ اللهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلِكَ أَمْراً) (١) : أي المراجعة ، رجع إلى أوّل السورة : (فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ) أي : له الرجعة في التطليقة والتطليقتين ما لم تنقض العدّة فتغتسل من الحيضة الثالثة إن كانت ممّن تحيض ، أو ثلاثة أشهر إن كانت ممّن لا تحيض ، كبيرة قعدت عن المحيض ، أو صغيرة لم تحض بعد. وكذلك الضهياء (٣) التي لا تحيض.
قوله عزوجل : (فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ) : [أي منتهى العدّة] (٤) (فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ) : وذلك أنّ الرجل كان يطلّق المرأة فيتركها حتّى تشرف على انتهاء عدّتها ، ثمّ يراجعها ، ثمّ يطلّقها ، فتقضي المرأة تسع حيضات ، فنهى الله عن ذلك في هاتين الآيتين : (فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ) والآية التي في سورة البقرة : (فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِراراً لِتَعْتَدُوا) [البقرة : ٢٣١] يعني ما كانوا يعتدون فتصير تسع حيضات ، فنهى الله عن ذلك ، وهو قوله : (فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ) [البقرة : ٢٢٩] ، وهو قوله : (وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً) (٢١) [النساء : ٢١] وذلك من حين يملكها.
قوله عزوجل : (وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ) : فإن هو أراد أن يراجعها قبل أن تنقضي العدّة [وغشيها قبل أن يشهد] (٥) فقد حرمت عليه في قول جابر بن زيد وأبي عبيدة والعامّة من
__________________
(١) قال أبو الحواري في تفسير الخمسمائة آية : «الفاحشة المبيّنة : العصيان البيّن وهو النشوز».
(٢) جاء في ز بعد قوله : (فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ) : «أي : بمعصيته من غير شرك».
(٣) الضهيأة والضهياء : التي لا ثدي لها ولا تحيض. انظر اللسان : (ضها).
(٤) زيادة من ز ورقة ٣٦٥.
(٥) سقط ما بين المعقوفين من ق وع ، والسياق يقتضيه حتّى يكون للحكم معنى وجيه. وهو قول عند ـ