قال الحسن : إنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم حرّم جاريته فأنزل الله : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضاتَ أَزْواجِكَ) وقوله : (قَدْ فَرَضَ اللهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمانِكُمْ) قال الحسن : هو في الإماء يمين ، وفي الحرائر طلاق. والقول في ذلك عندنا قول ابن عبّاس (١).
وذكر الحسن عن عليّ أنّه قال في الرجل يحرّم عليه امرأته : إنّها ثلاثة ، لا تحلّ له حتّى تنكح زوجا غيره. وذكروا عن عبد الله بن مسعود أنّه قال : في الحرام كفّارة الظهار.
قوله : (وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلى بَعْضِ أَزْواجِهِ حَدِيثاً فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ) : وهو ما أسرّ النبيّ عليهالسلام إلى حفصة من تحريم أمّ إبراهيم على نفسه وقوله : لا تخبري بهذا أحدا. وأخبرت به عائشة ففشا ذلك ، واطّلع رسول الله صلىاللهعليهوسلم على سرّهما. ذكروا عن يحيى بن سعيد عن عبيد بن حنين عن ابن عبّاس (٢) قال : قلت لعمر بن الخطّاب : من المرأتان اللتان تظاهر تا على رسول الله صلىاللهعليهوسلم؟ فقال : حفصة وعائشة.
قوله عزوجل : (عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ) تفسير الكلبيّ أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال لحفصة : ألم آمرك أن تكتمي سرّي ولا تخبري به أحدا ، لم أخبرت به عائشة؟ (٣). وذكر لها بعض الذي قالت ، وأعرض عن بعض ولم يذكره لها. قال عزوجل : (فَلَمَّا نَبَّأَها بِهِ قالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هذا قالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ) (٣).
قال عزوجل : (إِنْ تَتُوبا إِلَى اللهِ) : يعني عائشة وحفصة (فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما) : أي : زاغت ، أي : مالت إلى الإثم ، فأمرهما بالتوبة (وَإِنْ تَظاهَرا عَلَيْهِ) : أي تعاونا عليه ، أي على
__________________
(١) وهو الحقّ إن شاء الله. وهذا ما ذهب إليه جمهور علماء الإباضيّة قديما وحديثا. قال أبو الحواري في تفسير الخمسمائة آية ، ص ٢٠١ بعد أن أورد آية التحريم هذه : «فمن قال لامرأته أو لجاريته أنت عليّ حرام فليكفّر يمينه ، وإن كان نوى طلاقا فله ما نوى». وانظر : بكلي ، فتاوى البكري ، ج ٢ ص ٢٢٩ حيث اعتبر تحريم الزوجة يمينا تحلّتها كفّارة مرسلة ، وهي التي وردت في سورة المائدة.
(٢) ورد هذا السند فاسدا مضطربا في ق وع هكذا : «وبظاهر ذلك عن يحيى بن سعيد بن أبي عبيدة بن جبير» ، فأثبتّ تصحيحه من صحيح البخاريّ ، كتاب التفسير ، سورة التحريم ، ومن صحيح مسلم ، كتاب الطلاق. باب في الإيلاء واعتزال النساء وتخييرهنّ ، وقوله تعالى : (وَإِنْ تَظاهَرا عَلَيْهِ) (رقم ١٤٧٩) من حديث ابن عباس الطويل وسؤاله لعمر بن الخطّاب.
(٣) في ق وع : «ثمّ أخبرت به عائشة» ، وأثبت ما جاء في ز.