وكانت امرأة لوط إذا نزل به ضيف دخّنت لتعلم أنّه نزل بلوط ضيف لعملهم السوء ، وإتيانهم الرجال في أدبارهم ، فنافقتا بذلك. وتفسير الحسن مثل تفسير ابن عبّاس إلّا أنّه يذهب في الخيانة أيضا إلى أمر قبيح يجعلهما باغيتين بذلك. وحاشا لأنبياء الله من ذلك ، وليس مذهبه هذا مذهبا ، لأنّه كان يقال : ما بغت امرأة نبيّ قطّ.
قال تعالى : (فَلَمْ يُغْنِيا عَنْهُما مِنَ اللهِ شَيْئاً) : أي لم يغن عمل نوح ولوط عليهماالسلام عن امرأتيهما من الله شيئا. (وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ) (١٠).
وهذا مثل ضربه الله يحذّر حفصة وعائشة للذي كان ممّا قصّ في أوّل السورة.
وضرب لهما أيضا مثلا للذين آمنوا امرأة فرعون ومريم بنت عمران ، يأمرهما بالتمسّك بطاعة الله وطاعة رسوله (١) فقال :
(وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ) : أي في السماء ، لأنّ الجنّة في السماء ، والنار في الأرض. (وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) (١١). يقول الله : فامرأة فرعون ومنزلتها عند الله لم تغن عن فرعون من الله شيئا إذ كان كافرا.
قال تعالى : (وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَها) : أي عفّت جيب درعها عن الفواحش (فَنَفَخْنا فِيهِ مِنْ رُوحِنا) : أي فتناول جبريل جيبها بأصبعه فنفخ فيه فسار (٢) إلى بطنها فحملت (٣).
قال تعالى : (وَصَدَّقَتْ بِكَلِماتِ رَبِّها وَكُتُبِهِ وَكانَتْ مِنَ الْقانِتِينَ) (١٢) : تفسير الكلبيّ : إنّ الكلمات : إنّه عيسى ؛ وذلك لقول جبريل : (إِنَّما أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ
__________________
(١) انظر : ابن الجوزي ، زاد المسير ، ج ٨ ص ٣١٥ حيث ورد هذا القول منسوبا إلى يحيى بن سلّام ، وانظر ابن قيّم الجوزيّة ، الأمثال في القرآن ، ص ٢٦٦.
(٢) كذا في ق وع : «فسار» وفي ز ، ورقة ٣٦٧ : «فصار إلى بطنها».
(٣) قال الفرّاء في المعاني ج ٣ ص ١٦٩ : «والفرج هاهنا جيب درعها. وذكر أنّ جبريل صلىاللهعليهوسلم نفخ في جيبها. وكلّ ما كان في الدرع من خرق أو غيره يقع عليه اسم الفرج. قال الله تعالى : (وَما لَها مِنْ فُرُوجٍ) [سورة ق : ٦] يعني السماء ، من فطور ولا صدوع».