سَفَرَةٍ) (١٥) : أي كتبة (١). يعني الملائكة (كِرامٍ بَرَرَةٍ) (١٦) : أي لا يعصون الله.
ذكروا عن عائشة رضي الله عنها أنّها قالت : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة ، والذي يقرأه ويتتعتع به وهو عليه شاقّ ، فله أجران (٢).
قوله عزوجل : (قُتِلَ الْإِنْسانُ ما أَكْفَرَهُ) (١٧) : أي : لعن الإنسان ما أكفره ، وتفسير الكلبيّ : ما أشدّ كفره.
(مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ (١٨) مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ) (١٩) : أي نطفة ، ثمّ علقة ، ثمّ مضغة ، ثمّ عظاما ، ثمّ لحما ، ثمّ أنبت الشعر ونفخ فيه الروح.
(ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ) (٢٠) : أي سبيل الهدى وسبيل الضلالة. وقال مجاهد : هو مثل قوله : (إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ) أي : بيّنّا له السبيل ، سبيل الهدى وسبيل الضلالة (إِمَّا شاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً) (٣) [الإنسان : ٣] (٣).
قال تعالى : (ثُمَّ أَماتَهُ فَأَقْبَرَهُ) (٢١) : أي جعل له من يقبره ، أي : من يدفنه في القبر (٤). (ثُمَّ إِذا شاءَ أَنْشَرَهُ) (٢٢) : أي أحياه ، يعني البعث. وقد جعل الله له وقتا ، فكيف يكفره. وقال
__________________
(١) هذا أحد وجوه تأويل السفرة. وهنالك معنى آخر للكلمة أوردها بعض المفسّرين ، وهو معنى السفارة ، قال الفرّاء في المعاني ، ج ٣ ص ٢٣٦ : (بِأَيْدِي سَفَرَةٍ) وهم الملائكة ، واحدهم سافر. والعرب تقول : سفرت بين القوم إذا أصلحت بينهم ، فجعلت الملائكة إذا نزلت بوحي الله تبارك وتعالى وتأديبه كالسفير الذي يصلح بين القوم ...».
(٢) حديث متّفق على صحّته. أخرجه البخاريّ في كتاب التفسير ، سورة عبس ، وأخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها ، باب فضل الماهر بالقرآن والذي يتتعتع فيه (رقم ٧٩٨). وأخرجه أبو داود في كتاب الصلاة ، باب في ثواب قراءة القرآن (رقم ١٤٥٤) وأخرجه الترمذيّ في فضائل القرآن ، باب ما جاء في فضل قارئ القرآن ، كلّهم يرويه من حديث عائشة.
(٣) كذا في ق وع ، وفي ز ورقة ٣٨٦ : (ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ) تفسير بعضهم : يعني خروجه من بطن أمّه».
(٤) كذا في ق وع ، وجاءت عبارة الفرّاء في هذا المعنى أوضح وأدلّ على المقصود. قال في المعاني ، ج ٣ ص ٢٣٧ : «جعله مقبورا ، ولم يجعله ممّن يلقى للسباع والطير ، ولا ممّن يلقى في النواويس ؛ كأنّ القبر ممّا أكرم المسلم به. ولم يقل : فقبره ؛ لأنّ القابر هو الدافن بيده ، والمقبر : الله تبارك وتعالى ؛ لأنّه صيّره ذا قبر. وليس فعله كفعل الآدميّ».