(فَادْعُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ) (١٤). كان المشركون يكرهون أن يظهر دين الله ، كقوله : (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) (٣٣) [التوبة : ٣٣].
قوله : (رَفِيعُ الدَّرَجاتِ) : أي هو رفيع الدرجات ، أي : درجات المؤمنين في الجنّة (ذُو الْعَرْشِ) : ربّ العرش (يُلْقِي الرُّوحَ) : أي ينزل الوحي (١) (مِنْ أَمْرِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ) : أي الأنبياء مع جبريل (لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلاقِ) (١٥) : أي يوم القيامة ، يوم يلتقي فيه الخلائق من أهل السماء وأهل الأرض عند الله يوم القيامة.
(يَوْمَ هُمْ بارِزُونَ لا يَخْفى عَلَى اللهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ) : أي : لا يتوارى عنه شيء في الدنيا والآخرة. (لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ) يسأل الخلائق فلا يجيبه أحد ، فيردّ على نفسه فيقول : (لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ) (١٦) : قهر العباد بالموت وبما شاء من أمره. قال بعضهم : هذا ما بين النفختين ، حين لا يبقى أحد غيره ، حيث تكون الأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويّات بيمينه. وقال بعضهم : هذا بعد البعث حين يجمع الخلائق ، ولا أدري لعلّه في الموطنين جميعا ، والله أعلم.
قوله : (الْيَوْمَ) : يعني في الآخرة (تُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ لا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ) (١٧). قال بعضهم : يفرغ من حساب الخلائق في مقدار أقلّ من نصف يوم من أيّام الدنيا.
قوله : (وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ) : أي يوم القيامة (٢) (إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَناجِرِ كاظِمِينَ) : قال بعضهم : انتزعت القلوب فغصّت بها الحناجر ، فلا هي ترجع إلى أماكنها ولا هي تخرج.
قال : (ما لِلظَّالِمِينَ) : أي المشركين (مِنْ حَمِيمٍ) : من قرابة. وقال مجاهد : الحميم :
__________________
(١) قال الفرّاء في المعاني ، ج ٣ ص ٦ : «الروح في هذا الموضع النبوّة ؛ لينذر من يلقي عليه الروح يوم القيامة». والقول الأوّل قول قتادة. وقال بعضهم : الروح هنا هو جبريل.
(٢) قال ابن أبي زمنين في ز ، ورقة ٣٠٣ : «إنّما قيل للقيامة آزفة لأنّها قريبة وإن استبعد الناس مداها. يقال : أزفت تأزف أزفا ، وقد أزف الأمر ، إذا قرب».