(وَما خَلْفَهُمْ) : زيّنوا لهم أمر الدنيا فلم يريدوا غيرها (١).
(وَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ) : أي : وجب عليهم القول. وتفسير القول : الغضب ، في قول بعضهم. وقال الحسن : القول من الله أنّهم من أهل النار ؛ كقوله : (وَكَذلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ أَصْحابُ النَّارِ) (٦) [غافر : ٦] أي : بكفرهم. قال : (فِي أُمَمٍ) : أي مع أمم (قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنَّهُمْ كانُوا خاسِرِينَ) (٢٥) : والخاسرون : أهل النار ، خسروا أنفسهم فصاروا في النار.
قوله : (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لِهذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ) (٢٦) : [قال السدّيّ : نزلت في أبي جهل بن هشام ، كان يقول لأصحابه : إذا سمعتم قراءة محمّد فارفعوا أصواتكم بالأشعار حتّى تلتبس على محمّد قراءته] (٢) وهو مثل قوله : (وَما كانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكاءً وَتَصْدِيَةً) [الأنفال : ٣٥] ؛ المكاء : التصفير ، والتصدية : التصفيق ؛ يميلون خدودهم إلى الأرض يخلطون على النبيّ صلىاللهعليهوسلم بذلك صلاته. وقوله : (لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ) أي : لعلّ دينكم أن يغلب دين محمّد.
قال الله تعالى : (فَلَنُذِيقَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا عَذاباً شَدِيداً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي كانُوا يَعْمَلُونَ) (٢٧) : أي لا يجازيهم في الآخرة بأحسن ما كانوا يعملون في الدنيا. ولكن : يبطله ، وقد استوفوه في الدنيا. وهو مثل قوله : (نُوَفِّ إِلَيْهِمْ ، أَعْمالَهُمْ فِيها نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمالَهُمْ فِيها وَهُمْ فِيها) [هود : ١٥] أي : في الدنيا ، ونجزيهم في الآخرة بأسوأ أعمالهم.
قال : (ذلِكَ جَزاءُ أَعْداءِ اللهِ النَّارُ لَهُمْ فِيها دارُ الْخُلْدِ جَزاءً بِما كانُوا بِآياتِنا يَجْحَدُونَ) (٢٨).
قوله : (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا) في النار (رَبَّنا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلَّانا) : وهي تقرأ على
__________________
(١) وقال الفرّاء في المعاني ، ج ٣ ص ١٧ : (ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ) من أمر الآخرة فقالوا : لا جنّة ولا نار ، ولا بعث ولا حساب ، (وَما خَلْفَهُمْ) من أمر الدنيا ، فزيّنوا لهم اللذّات ، وجمع الأموال ، وترك النفقات في وجوه البرّ ، فهذا ما خلفهم. وبذلك جاء التفسير. وقد يكون (ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ) ما هم فيه من أمر الدنيا ، (وَما خَلْفَهُمْ) من أمر الآخرة».
(٢) زيادة من ز ورقة ٣٠٧.