وجهين ؛ فمن قرأها (أرنا) بكسر الراء ، فهي من الرؤية ، ومن قرأها (أرنا) ، بتسكين الراء ، فهو يقول : أعطنا اللذين أضلّانا. (مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ نَجْعَلْهُما تَحْتَ أَقْدامِنا لِيَكُونا مِنَ الْأَسْفَلِينَ) (٢٩) : يعنون إبليس وقابيل بن آدم الذي قتل أخاه. يقولون ذلك من شدّة الغيظ عليهما ، وهما في الدرك الأسفل من النار. وذكر بعضهم قال : لا تقتل نفس ظلما إلّا كان على ابن آدم كفل من دمها لأنّه سنّ القتل. وبلغنا أن ثلاثة لا تقبل منهم توبة : إبليس ، وابن آدم الذي قتل أخاه ، ومن قتل نبيّا.
قوله : (إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللهُ) مخلصين له (ثُمَّ اسْتَقامُوا) عليها وعلى العمل بالفرائض (تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ) عند الموت (أَلَّا تَخافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ) (٣٠) : أي إذ كنتم في الدنيا.
ذكروا أنّ أبا بكر الصدّيق قرأ هذه الآية فقالوا له : يا خليفة رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ما الاستقامة؟ قال : ألّا تشركوا به شيئا (١).
ذكروا أنّ عمر بن الخطّاب قال : ثمّ استقاموا على الفرائض ولم يروغوا روغان الثعالب ، أي : لم ينتقصوا دين الله حتّى أكملوا فرائضهم ووفّوا بها.
قال : (تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ) أي : عند الموت في تفسير بعضهم.
وتفسير الحسن أنّ قول الملائكة لهم : (أَلَّا تَخافُوا وَلا تَحْزَنُوا) وأنتم آمنون ، تستقبلهم بهذا إذا خرجوا من قبورهم إلى الموقف.
وفي تفسير بعضهم (أَلَّا تَخافُوا) أي أمامكم ، (وَلا تَحْزَنُوا) أي : على ما خلّفتم ، نحن نخلفكم فيه.
ذكروا عن الحسن أنّ عمر بن الخطّاب قال : احضروا موتاكم وألزموهم قول لا إله إلّا الله ، فإنّهم يسمعون أو يرون ما يقال لهم.
ذكروا عن الحسن أنّه دخل على أبي الشعثاء جابر بن زيد وهو مدنف (٢) فقال له :
__________________
(١) وقد نسب إلى أبي بكر قول آخر أيضا في تفسير الاستقامة هو قوله : «استقاموا فعلا كما استقاموا قولا».
(٢) أي : براه المرض ولازمه حتّى أشفى على الموت.