يا أبا الشعثاء ، فرفع رأسه فقال له : قل لا إله إلّا الله. فسكت أبو الشعثاء. فأعاد له القول فقال له : قل لا إله إلّا الله ، فسكت أبو الشعثاء ، ثمّ أعاد الحسن فقال أبو الشعثاء في الثالثة : يا أبا سعيد ، أنا من أهلها ، ولكنّي أعوذ بالله من النار ومن سوء الحساب. فخرج الحسن من عنده وهو يقول : تالله ما رأيت كاليوم قطّ رجلا أفقه حتّى عند الموت (١).
ذكر بعضهم حديثا عن عيسى ابن مريم بإسناده أنّه قال : عجبت للمؤمن كيف يحفظ ولده من بعده ، أي إنّه يحفظ بعده (٢).
قال : (نَحْنُ أَوْلِياؤُكُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ) : أي : نحن كنّا أولياءكم في الحياة الدنيا إذ كنتم في الدنيا ، ونحن أولياؤكم في الآخرة. وبعضهم يقول : تقوله لهم الملائكة الذين كانوا يكتبون أعمالهم (٣).
(وَلَكُمْ فِيها) : أي في الجنّة (ما تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيها ما تَدَّعُونَ) (٣١) : أي تشتهون (٤). (نُزُلاً مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ) (٣٢) : أي الجنّة ، نزلا لكم أنزلكموها غفور رحيم (٥).
قوله : (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعا إِلَى اللهِ وَعَمِلَ صالِحاً وَقالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ) (٣٣) : وهذا على الاستفهام ، أي : لا أحد أحسن قولا منه.
قوله : (وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ) : الحسنة في هذا الموضع العفو والصفح ، والسيّئة ما يكون بين الناس من الشتم والبغضاء والعداوة.
قوله : (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) : يقول : ادفع بالعفو والصفح القول القبيح والأذى.
__________________
(١) ليتني أعثر على أصل تفسير ابن سلّام كاملا حتّى أحقّق سند هذا الخبر ، وهو خبر صحيح رواه كثير ممّن ترجموا لجابر بن زيد. وأنا أميل إلى أنّه من زيادات الشيخ هود الهوّاريّ.
(٢) كذا ورد هذا الخبر في ع. وفي ق : «أي : لم يحفظ بعده». والصحيح ما أثبتّه كما ورد في ع. أي : إنّ الله بعث إليه على لسان ملائكته ألّا يحزن على أولاده من بعده ، فالله حافظهم ورازقهم ، والله أعلم.
(٣) في ق وع بعض التقديم والتأخير في تفسير الآية وبعض التكرار ، فأثبتّ التصحيح من ز.
(٤) كذا في ق وع وز : (تَدَّعُونَ) أي : ما تشتهون» ، وفيه تكرار لفظيّ. وفي تفسير القرطبيّ وغيره (تَدَّعُونَ) أي : تسألون وتتمنّون.
(٥) وفي تفسير الكشّاف ، ج ٤ ص ١٩٩ : «والنّزل : رزق النّزيل ، وهو الضيف».