قوله : (وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ) : قال الحسن : إنّ نزغه وسوسته ، يقول للنبيّ عليهالسلام : إن وسوس إليك الشيطان أن تدع ما أنت فيه من الإيمان (فَاسْتَعِذْ بِاللهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) (٣٦) : أي فلا أسمع منه ولا أعلم منه. وهي كقوله : (إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ) [الأعراف : ٢٠١] أي : يطوف عليهم بوساوسه. وقال بعضهم : النزغ : الغضب.
قوله : (وَمِنْ آياتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ) : أي : خلق آياته ؛ فرجع إلى قوله : (وَمِنْ آياتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ) ، فلذلك صارت (خَلَقَهُنَّ) [ولم يقل] (١) خلقهم ، ولو لا أنّه رجع إلى الآية لكانت : الذي خلقهم ، لأنّ المذكّر والمؤنّث إذا اجتمعا غلب عليه المذكّر. والليل والنهار مذكّران ، والشمس مؤنّث ، والقمر مذكّر (٢). قال : (إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) (٣٧).
قال : (فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا) : يعني المشركين عن السجود لله (فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ) : يعني الملائكة (يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَهُمْ لا يَسْأَمُونَ) (٣٨) : كقوله : (وَمَنْ عِنْدَهُ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ وَلا يَسْتَحْسِرُونَ (١٩) يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لا يَفْتُرُونَ) (٢٠) [الأنبياء : ١٩ ـ ٢٠].
قال مجاهد : سألت ابن عبّاس عن السجدة في حم ، فقال : اسجد بالآخرة من الآيتين. وكان الحسن يسجد بالآية الأولى.
__________________
ـ دفع السيّئة بالحسن إلّا من هو صابر ، أو ذو حظّ عظيم ، فأنّثها لتأنيث الكلمة ، ولو أراد الكلام فذكر كان صوابا».
(١) زيادة لا بدّ منها ليستقيم المعنى.
(٢) وردت هذه الجملة : «والليل والنهار مذكّران ...» في ع دون ق. وقلّما يتعرّض المؤلّف لمثل هذه الملاحظات اللغويّة ، فهل هي من أصل التفسير ، أم من زيادات بعض الشرّاح والنسّاخ ، وهي شبيهة بزيادات ابن أبي زمنين وتعليقاته اللغويّة ، لكنّها غير واردة في ز ، وإنّما جاء فيه : «أي خلق آياته» فقط. على أنّ رجوع الضمير إلى الآيات غير متّفق عليه عند المفسّرين ، بل ذهب بعضهم إلى أنّ الضمير في (خَلَقَهُنَّ) يشمل الليل والنهار والشمس والقمر. انظر في هذا مثلا معاني الفرّاء ، ج ٣ ص ١٨ ، وكشّاف الزمخشريّ ، ج ٤ ص ٢٠٠ ، والألوسي ، روح المعاني ، ج ٢٤ ص ١٢٥.