تتوالدون فيكثر عددكم (وَمِنَ الْأَنْعامِ أَزْواجاً) : ذكورا وإناثا في تفسير الحسن ؛ أي : جعل معايشكم فيها. وقال الكلبيّ : (وَمِنَ الْأَنْعامِ أَزْواجاً) أي : من الضأن اثنين ومن المعز اثنين ، ومن الإبل اثنين ، ومن البقر اثنين ، الواحد منها زوج. (يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ) : أي يخلقكم فيه نسلا بعد نسل من الناس والأنعام. (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ) : أي فلا أسمع منه (الْبَصِيرُ) (١١) : فلا أبصر منه.
(لَهُ مَقالِيدُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) : أي مفاتيح السماوات والأرض في تفسير مجاهد وغيره. وقال مجاهد : هي بالفارسيّة. وقال الحسن : المفاتيح والخزائن. وقال الكلبيّ : الخزائن ؛ (يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ) : أي ويقتر ، نظرا منه للمؤمن ، فيقتر عليه الرزق. (إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (١٢).
قوله : (شَرَعَ لَكُمْ) : أي فرض لكم ، في تفسير الحسن. وقال بعضهم اختار لكم. (مِنَ الدِّينِ ما وَصَّى بِهِ نُوحاً) : أي ما أمر به نوحا (وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ وَما وَصَّيْنا بِهِ) : أي ما أمرنا به (إِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسى) : وهؤلاء هم أولو العزم من الرسل. (أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ) : أي الإسلام (وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ) : وهذا ما فرض الله على جميع أنبيائه ، وبعث به رسله إلى خلقه. وهو كقوله : (وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ..). [الأنعام : ١٥٣] إلى آخر الآية. وقال في آية أخرى : (وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ) (٢٥) [الأنبياء : ٢٥].
وقال في آية أخرى : (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ) (٨٥) [آل عمران : ٨٥].
قوله : (كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ ما تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ) من عبادة الله وترك عبادة الأوثان. (اللهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشاءُ) : [أي : يختار لنفسه] (١) يعني الأنبياء. قال مجاهد : يستخلص لنفسه من يشاء. والاستخلاص والاختيار والاصطفاء واحد. قال الحسن : هو كقوله : (اللهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ) [الحج : ٧٥] وقال بعضهم : (يَجْتَبِي إِلَيْهِ) أي : إلى دينه من يشاء. (وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ) (١٣) : أي من يخلص له.
__________________
(١) زيادة من ز ، ورقة ٣١٠.