هذا ، وقد مال إلى هذا الرأي المحقّق السبزواري في « ذخيرة المعاد » (١) ، والشهيد الثاني في « روض الجنان » (٢) وغيرهما (٣) .
٨ ـ ومنهم من ذهب إلى حرمتها ، لتوهمّ الجاهل بأنّها جزء ، وذلك لإصرار المؤذّنين على الإتيان بها على المآذن ، وعدم تركهم لها لمرّة واحدة ؛ فإنّ هذا الإصرار من المؤذنين يوهم الجاهلين بأنّها جزء من الأذان ، فيجب تركه حتّى لا يقع الجاهل في مثل هكذا توهّم .
وقد أشار الوحيد البهبهاني إلى هذا الراي في شرح مفاتيحه (٤) ، ورَدَّهُ .
لأن توهمُّ الجزئيّة لا يوجب الحرمة ، لأنَّ التوهُّم إما أن يكون من قِبَلَ الجاهل أو من قبل العالم ؟ وتصوّر وقوع التوهّم من قِبَلِ العالِم بعيد جدّاً ، فطالما أكَّد العلماء في مؤلّفاتهم وصرّحوا بأقوالهم بأنَّ الشهادة الثالثة ليست جزءاً مِنَ الأذان ودعموا أقوالهم بالأدلّة .
وأمّا توهّم الجاهل فقد جزم الوحيد البهبهاني بأنّه ليس من وظيفة العلماء رفع هذا التوهّم عنهم (٥) ، لان الجهال قد فوّتوا كثيراً من الأُمور عليهم لجهلهم وقصور فهمهم ، وما على العالم إلّا البلاغ وبيان الأمور ، وعلى المكلّف أن يسعى لتعلّم أحكام دينه ، وإلّا فسيكون مقصِّراً ، وبذلك يكون هو المدان أمام حكم الله لا العالم .
وأيُّ توهّم يمكن تصوّره مع وقوفنا على الصيغ المختلفة لهذه الشهادة : « أشهد أنَّ عليّاً وليُّ الله » ، « أشهد أنَّ عليّاً أمير المؤمنين وأولاده المعصومين حجج الله » ، ( أشهد أن علياً حجة الله ) ، و ( أشهد أن علياً أمير المؤمنين ولي الله ) عند الأصحاب .
كلّ هذه الصيغ تُظهر بأنّها ليست جزءاً من الأذان ، وقد أشار الشيخ
__________________
(١) ذخيرة المعاد ٢ : ٢٥٤ .
(٢) روض الجنان : ٢٤٢ .
(٣) كالشيخ جعفر كاشف الغطاء في كشف الغطاء ٣ : ١٤٥ ، والعلّامة في نهاية الاحكام ١ : ٤١٢ .
(٤) مصابيح الظلام في شرح مفاتيح الشرائع ، للوحيد البهبهاني ٧ : ٣٣ .
(٥) مصابيح الظلام ٧ : ٣٤ .